الخميس 18 أبريل 2024 06:51 صـ 9 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    مقالات

    وماذا بعد ؟!

    رابطة علماء أهل السنة

     تعددت الاستفسارات و تنوعت الأسئلة وتوالت الرسائل


    و ماذا بعد؟ و متى و أين و كيف؟؟


    فأجبت متسائلا. أليس لله في خلقه سننا؟!! أم أن الصراع لا دخل لله فيه !!

    هل خرجنا طمعا لنصر سياسي، أو نجاح حزبي، أو لمكانة ومنصب وجاه، أم خرجنا نصرة للحق، وطمعاً في مرضاة الرب، وحماية للدين، وسعياً للتمكين، ومدافعة للظلم، وحماية للعرض، وحفظاً للوطن، ومقاومة للبغي؟!!

    إذا كنا خرجنا لله فماذا فاتنا؟! وماذا خسرنا؟! هل ضاع الأجر أم تخلى عنا ربنا وسيدنا؟!

    كلا والله.. فهو القائل سبحانه: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ).


    فمتى أمن الطغاة؟! و متى استقرت للظالمين الحياة؟! و متى لم يمكر الله بالماكرين؟! و متى لم يبطل كيد الخائنين؟! ومتى أخلف الله وعده؟! ومتى خذل الله عباده وأهله؟!.هل ترك الله الكون للطغاة والمجرمين مهما علا شأنهم، وعظم كيدهم، واشتدت قوتهم، يدبرون أمره، و يتآمرون على عباده، ويسعون في اﻻرض فسادا؟! أم أنه سبحانه يملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته؟!!


    كم ظن المجرمون في شتى العصور أنهم قد أفلتوا بجريمتهم، و لكن كان الله سبحانه دائما لهم بالمرصاد، و لم يخطئهم حتماً سوط العذاب!!

    هل تأخر الله علينا بالنصر و قد قُتل منا من قُتل، وجُرح منا من جُرح، وظُلم منا من ظُلم ؟!

    كلا والله.. فقد أوضح لنا معالم الطريق فقال سبحانه: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ ولَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ والضَّرَّاءُ وزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)، كَمَا تَكُونُ الشِّدَّةُ يَنْزِلُ مِنَ النَّصْرِ مِثْلُهَا، ولهذا قال سبحانه: (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي رَزِينٍ: (عَجِبَ رَبُّكَ مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غَيْثِهِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهِمْ قَنِطِينَ، فَيَظَلُّ يضحك يعلم أن فرجهم قريب).


    أحبتي... أحبتي... أحبتي أبشروا.

    أبشروا فقد جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم. 

    أبشروا فقد أشرفتم على قوله سبحانه: (وتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا). 

    أبشروا فقد كشر الباطل عن أنيابه، وظهر لكل الخلق طغيانه.

    أبشروا فقد أسقط الله رايات طالما زعمت أنها حامية الديانة، و حاملة الأمانة.

    أبشروا فقد جعل الله الخبيث بعضه على بعض ليركمه جميعا.

    و كما قال سيدي الشعراوي رحمه الله: ( و هكذا أراد الله تعالى أن يميز الخبيث من الطيب فعركت المؤمنين الحوادث، و زال الطلاء عن ذوي العقيدة الهشة؛ ليكون الناس شهداء على أنفسهم، و يبقى المؤمنون أصحاب صفاء القلب و العقيدة. و حين يميز الله الخبيث من الطيب، فهو سبحانه وتعالى يريد تمييز الطيب حتى لا يختلط بالخبيث. والخبيث إنما يكون على ألوان مختلفة وأنواع متعددة، فهذا خبيث في ناحية، وذلك خبيث في ناحية أخرى، وثالث خبيث في ناحية ثالثة، وغيرهم في ناحية رابعة، و خامسة إلى ما شاء الله، ويجمع الله كل الخبيث فيركمه في النار جميعاً).


    كم تآمر الطغاة على تجفيف منابع الإسلام، و إغلاق صروح الإيمان، ولكن أحبط الله كيدهم، وعاملهم بنقيض مرادهم، فجعل أموالهم للحق سنداً، ومؤسساتهم للحق عوناً، ومساكنهم للحق مقراً ومسكناً! (و أَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ و دِيَارَهُمْ و أَمْوَالَهُمْ وأَرْضًا لَّمْ تَطَئُووهَا وكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا).


    ألا فليتهيأ الناس لأمر الله العظيم، و ليشهد القارئ الكريم لمقالي على تحذيري و إنذاري.

    فليظن بنا الغافلون الظنونا، وليشمت الأعداء بنا والمجرمون، و ليتندر بحماقتنا الجاهلون، و ليرقص أهل الهوى و الماكرون،

    و لكن ليعلم الجميع: أن لنا خالقاً عظيماً، ورباً كريماً، وإلها حكيما، ومعبوداً رحيما، له خرجنا، و له تكلمنا، ولدينه انتصرنا، ولمنهجه انتسبنا، وتحت رايته صمدنا، لا نرجوا غيره، ولا نخشى سواه، ولا نأمل إلا في وجهه، ولا نثق إلا في موعوده، وهو الذي أدبنا فقال سبحانه: (مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ).


    ألا إنه لا سبيل إلى احتمال البلاء إلا بالرجاء في نصر الله.


    ولا سبيل إلى الفرج إلا بالتوجه إلى الله. و لا سبيل إلى الاستعلاء على الضر والكفاح للخلاص إلا بالاستعانة بالله.

     
    وكل حركة يائسة لا ثمرة لها ولا نتيجة إلا زيادة الكرب، ومضاعفة الشعور به، والعجز عن دفعه بغير عون الله.

    فليستبق المكروب تلك النافذة المضيئة التي تنسم عليه من روح الله وعطاء الله،

    وليقرأ معي قول ابن عطاء: 


    متى أوحشك من خلقه فاعلم أنه يريد أن يفتح لك باب الأنس به....  و ماذا بعد؟!

    ماذا بعد أبشروا الطغاة المظلومين الصبر البلاء متى أين

    مقالات