السبت 20 أبريل 2024 01:06 مـ 11 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    مقالات

    دور العلماء فى قيادة الأمة

    رابطة علماء أهل السنة

    الحمد لله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد ..

    أول ما يتبادر إلى الذهن لدى الحديث عن دور العلماء هو الدور الإرشاديُّ النصحيُّ البيانيُّ، ولا ريب أنّه دور جوهريٌّ ذو أهمية بالغة؛ فإذا كان العلماء هم ورثة الأنبياء؛ فإنّهم لا يرثونهم في العلم وحسب، وإنما يرثونهم كذلك البيان والبلاغ، هذا قدر يستوي في العلم به والتسليم بأهميته العلماء والدهماء.

       أمَّا الذي تواطأ على طَيِّهِ الجهلُ والتجاهلُ فهو الدورُ القياديُّ للعلماء، ذلك الدور الذي - برغم غيابه بشكل كامل - يبدو طبيعياً ومنطقياً إلى حدٍّ قد لا يتخيله أهل الطبيعة وأرباب المنطق؛ فليس من طريقة هذا الدين أن يترك المسلمين في لحظة من لحظات دهرهم فوضى لا سراة لهم، كيف وهو الدين الذي اشتمل على ما لا يقوم ولا يقام إلا (بالنظام) على أيِّ وجه من الوجوه الشرعية أتى هذا النظام !!

       ومن عجب أن يستدل العلماء على وجوب الإمامة بأنها ضرورية لإقامة أحكام الدين التي لا تقوم إلا بها؛ اتباعاً لقاعدة: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، ثمّ إذا شغر الزمان من الإمامة، وصفرت يد المسلمين من القدرة على إقامتها؛ أفلتت القاعدة من أيديهم؛ فتركوا الأمّة سدى والأحكام الشرعية هملاً، وكأنَّ هذه القاعدة الفقهية الكلية الممتدة قد حبست في إطار الإمامة فهي متعلقة بها وجوداً  وعدماً !!

         كلا .. لم يترك الله تعالى أمّة الإسلام سدىً، ولم يَدَعْ أحكام دينه هملاً، وإنما  نحن من أوجد هذه الحالة الناشزة عن طبيعة الإسلام؛ إذ لم نعمل بذات القاعدة في تفعيل الدور القياديّ  للعلماء، وخالفنا منهج الله في الترتيب لدينه وأمته؛ فطبيعيّ أن ندعو فلا يستجاب لنا، وأن نسعى ونجتهد فلا نصل إلا إلى فشل يتلوه فشل، ثم نتعجب ونقول: "أنّى هذا" ! والعجب كل  العجب إنما  هو من تعجبنا ذاك !!

       فيا أيها العلماء: إن كنتم تعلمون أنكم أولياء الأمر على الحقيقة، وتتلون ما أنزل الله على رسوله في سورة النساء من وجوب الطاعة لأولى الأمر ووجوب ردِّ الأمر إليهم في الأمن والخوف، وتستحسنون ما رجحه الجهابذة من أهل التفسير والفقه أمثال القرطبي والجصاص وابن العربيّ وغيرهم؛ فما جوابكم إذا قيل لكم: إذا وجد الأصيل وعدم الوكيل فما قولكم يا أهل التأويل ؟

       إنّ الإمام في الفقه الإسلاميّ يتصرف على الرعية بصفة الوكالة، وإنَّ الذي يعقد له العقد الذي بموجبه يتصرف ويقود ويدير أمور الدين والدنيا هم أهل الحلّ والعقد، وفي الصدارة منهم العلماء، فهم أولياء الأمر على الحقيقة، ومن ثَمّ فإنَّ ما يحمله الإمام في حال وجوده يعلق بأعناقهم في حال عدمه، فهم المسئولون عن الأمة وعن دينها، ولا يقف دورهم عند النصح والإرشاد والبيان، وغن كان مطلوباً على أي حال.

       وبصورة واضحة نقول: إنّ هذا الزمان الذي نعيشه زمان خلا من الإمام، وفرغ من السلطان الشرعيّ الذي يناط به قيام أحكام الشريعة والحفاظ على الملة، ووجود بعد سلاطين العدل في بقاع قليلة متفرقة لا يكفي مع اتساع خطة بلاد الإسلام وتفرق أمصار المسلمين، ومن هنا وجب على العلماء أن يقودوا الشعوب إلى التحرر من الأنظمة المرتبطة بأعداء دينها، ولا يكون هذا إلا بأن يجتمعوا ويضعوا رؤيتهم ومشروعهم يتقدموا الجموع على كل المستويات.

       ولا ريب أن هذا الإجمال وراءه تفاصيل كثيرة بغيرها لا يمكن التطبيق العمليّ، لكنها بداية يبنى عليها، وعندما ننجح في وضع أقدامنا على أول الطريق فلا شك أننا سنواصل السير من نجاح إلى نجاح، والتوكل على الله العليّ الفتاح.

    دور العلماء قيادة الأمة الجهل الارشاد

    مقالات