السبت 20 أبريل 2024 03:33 صـ 11 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    مقالات

    بين البكاء والبناء

    رابطة علماء أهل السنة

    بين البكاء والبناء

    د. سعد الكبيسي

    يا ترى ما مهمة النخبة من علماء ومفكرين واستراتيجين شرعيين وغير شرعيين؟؟

    أليست هي البيان الشرعي وصياغة المواقف والأفكار والبرامج والخطط المقترحة؟!!!

    إن المتتبع لواقع بعض النخب يجد أنهم مستغرقون في حالة بكائية ونعي ورثاء لأمة مطحونة كانت تنتظر منهم أساسا أن يقدموا لها الرؤى والحلول الممكنة

    لأن الجرح العميق للأمة جعل بعض هذه النخب تندب الجرح وتبكيه في مطولة رثائية دون أن تبادر إلى تضميد هذا الجرح من جهتها التي تتقنها وتحسنها وهي الفكر والعلم وتوجيه المجتمعات

    وأكثر من ذلك!!!!
    تحولت بعض نخبنا إلى مراسلين إخباريين همها نقل الأخبار وتوصيف الواقع من خلال تعليق أو مقال أو فديو قصير وكفى

    وقد نرى ثلة كبيرة تكتفي بالتوصيف ومع أهمية التوصيف الدقيق وشرح ما يجري لكنه أول مهام العالم و المفكر وأبسطها فأين نتاجه إذن؟

    وأكثر من ذلك!!!
    حين يتحول الموضوع من توغل هذا العالم والمفكر أو ذاك في وظيفة البكّاء -بتشديد الكاف- ومهمة المراسل الإخباري ليسري المرض إلى مراكز بحوث ودراسات تصرف فيها الجهود والاموال دون عائد يذكر فلا تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا

    واكثر من ذلك وأقبحه!!!
    حين تقوم دول بمهمة البكائية والمراسل الإخباري لتعلن موتها وعجزها عن تأييد حق أو إزالة باطل

    قد نحتاج الى تذكر حكمة تعلمها الجميع في صغره تقول: أوقد شمعة بدل أن تلعن الظلام

    علينا الإنتقال مما كان ويكون إلى ما ينبغي أن يكون

    هل أصبح البكاء حرفة وأداة للتنفيس عن العجز؟!

    إن البكاء يكون ممدوحا حين يكون اعتبارا من الماضي وتفاعلا مع الحاضر ليشكل طاقة هائلة لبناء المستقبل

    أين المشاريع الفكرية والعلمية -والعملية إن أمكن - والتي تقدم بديلا مقنعا وقد بذل صاحبها فردا أو مؤسسة فيها وسعه حيث الفكر والعلم أساس العمل؟

    أين الحلول المستقاة من مرجعية الكتاب والسنة ووفق منظومة الإجتهاد الإسلامية الفذة ومعارف ومناهج علوم الواقع لتشكيل هذا الواقع من جديد؟

    حين تنشغل فضائيات معارضة مثلا بإسقاط نظام دون ان تقدم رؤى بديلة فهذا إعلان أولي لإخفاق قادم

    وحين ينشغل مفكر بالشجب والرفض وقال وقلنا وكل همه تسقيط فلان وفلان فقد تخلى عن مهمته الرئيسة في الترشيد والتجديد

    إن المشغول بصياغة مشروع ينهض بالامة أقل الناس اهتماما بغثاء القول والنقد واهتمامات العاجزين

    متى يمسح المجتهدون و المفكرون دموعهم ويكبتوا همومهم ويخرجوا من الحاضر لينظروا للمستقبل من خلال مشاريع سيهيء الله تعالى لها  ذات يوم من يتبناها -إن شاء الله- من أصحاب القرار سواء كانوا دولا أو مؤسسات 

    إن فكرتك قد تنفذ في غير زمانك ومشروعك قد يتبناه من هو في غير مكانك فقط كن إيجابيا

    إن أهل العلم والفكر فردا كان أو مؤسسة قادة الأمة التي تنتظر منهم الكثير ولو عكف الطبيب على بكاء مريضه ما أحيا نفسا أو ضمد جرحا

    إن التباكي والرثاء ليس من خلق المسلم ولا من منهجية الإسلام في أوقات الازمات والمصائب مهما عظمت

    إن في قول النبي صلى الله عليه وسلم:" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزنْ، فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان" رواه مسلم
    منهاج نبوي عظيم في التعامل مع النوازل والأزمات

    وأخيرا فان كاتب هذه السطور لا يبرئ نفسه من هذه البكائية تجاوز الله عنه

    فمن أراد ان يلقى الله برصيد عمل صالح فليعكف على صياغة فكرة  ورسم مشروع -مهما صغر- وتنفيذه ما استطاع إلى ذلك سبيلا

    وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖوَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ

    البكاء البناء النخبة الفكر الاستراتيجي

    مقالات