السبت 20 أبريل 2024 03:23 مـ 11 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    أخبار مصر

    التعذيب دستور السجون المصرية

    رابطة علماء أهل السنة

       مع حلول اليوم العالمي لمناهضة التعذيب 26 يونيو/حزيران من كل عام يستمر وضع حقوق الإنسان في التدهور بشكل يومي بمصر، ولم تؤتي التقارير الحقوقية المحلية منها والدولية، ولا الإدانات، ثمارها في وقف تلك الانتهاكات المُمنهجة ولا حتى التخفيف منها، وقد لعبت المنظمات الحقوقية المصرية والعربية والدولية دورًا مشهودًا في رصد وتوثيق وفضح انتهاكات حقوق الإنسان، غير أن استشراء الانتهاكات كما وكيفا وتكرارها بين حين وآخر، بات عائقًا دون إمكانية رصدها جميعًا، فيستمر النظام في انتهاج سياسة ممنهجة للتعذيب أودت بحياة المئات، الأمر الذي يبدو أنه بات اعتياديًا، فمنذ ثلاثة أعوام شكلت أحداث الـ 30 من يونيو/حزيران في مصر انحرافا في مجال الحقوق والحريات حيث قتل 493 معتقلا داخل السجون وأماكن الاحتجاز، فبالتزامن مع المحاكمات والاعتقالات وهي تُقدر بالآلاف، تعددت أحكام الإعدام أو المؤبد الصادرة بحق المدنيين التي تتبارى في إصدارها المحاكم العسكرية والمدنية على السواء، و يخضع لها الأطفال والقصر في سوابق تاريخية لم تعرفها مصر في تاريخها من قبل، حيث بات الاعتقال ممنهج وواسع الانتشار في مصر.

     

    وتتعرض الغالبية الكاسحة من المُحتجزين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة دون أن يكون هناك رادع أو آلية للمحاسبة على هذه الجريمة التي انتشرت وأصبحت واقعا يعيشه عشرات الآلاف من الشباب في سجون مصر، فقد أصدرت المحاكم مئات من أحكام الإعدام والسجن لفترات طويلة إثر محاكمات جماعية فادحة الجور، ولم ينكر الرئيس الحالي "عبدالفتاح السيسي" وجود من دعاهم شبابًا أبرياء في السجون نتيجة الحالة التي تمر بها مصر وفق تعبيره،  في حين أن التقديرات غير الرسمية تُشير إلى ن أعداد المُعتقلين تجاوزت ال65 ألف مُعتقل، لتبقى حياة عشرات آلاف المعتقلين وراء القضبان في مهب الريح عرضة للقتل نتيجة التعذيب في أي لحظة.

     

     وبين الظرف الأمني والإنتهاكات مُعلق مصير آلاف المُعتقلين والمختفين قسرًا على مرأى ومسمع وتحت ناظري الدولة التي شرعنت القتل والحرق والسحل والتعذيب بكافة أنواعه واهدار الكرامة كوسائل تصل بها إلى استقرار النظام الأمني وتثبيت أركان الدولة التي اتخذت من الأعمال الإرهابية ذريعة لقمع المواطنين فباتت كل الإنتهاكات المُمنهجة والعنف الفج ضد المواطنين مُبررًا ومُباحًا، فقد استخدمت الدولة ذريعة الحرب على الإرهاب والظرف الأمني غطاء قانونيا لجميع الإنتهاكات المتوالية في حق المواطنين.

    كما تتصاعد وتيرة الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون الجنائيون ومن هم على خلفية سياسية بالأخص أثناء فترات اعتقالهم داخل السجون المصرية، حيث رصدت المنظمة تعرض المعتقلين  إلى معاملاتٍ قاسية، فضلًًا عن الضرب المبرح والتعذيب الممارس بحقهم، لمحاولة انتزاع اعترافات، أو لمجرد أهواء شخصية لدى ضباط الشرطة للانتقام منهم على خلفية معارضتهم للسلطة، وذلك بخلاف حالات وفاة لمعتقلين آخرين لديهم أمراض كالقلب والسرطان وأمراض أخرى خطيرة وسط إهمال طبي ورفض إدارات السجون علاجهم، وتردي الخدمات الصحية المقدمة داخل السجون، وكذلك تزايد العنف الشرطي المستخدم بحقهم، وذلك دون مسائلة عادلة لإيٍ من الضالعين في تلك الانتهاكات، وتتنوع أشكال المعاناة داخل السجون بين ما يطلق عليها "حفلات" التعذيب، والإكراه على الاعتراف بتهمة ملفقة، ووضع المعتقلين السياسيين في زنازين مشتركة مع السجناء الجنائيين، والحبس الانفرادي، ومنع الزيارة وإدخال الطعام والأدوية، فتمنع إدارة السجن  لفترات طويلة دخول الأدوية والطعام والشراب والملابس للمعتقلين، ومن يعترض على ذلك تلغى عنه الزيارات ويعاقب بالضرب والحبس الانفرادي لأيام أو أسابيع عدة.

     

    كما أنّ السلطات تتعمد إخفاء الجرائم وحالات تعذيب ممنهجة التي تتم في أقسام الشرطة ومقرات أمن الدولة والسجون السرية، وهناك تعليمات عليا بممارسة أقسى أنواع التعذيب الوحشي والممنهج لكسر إرادة المعتقلين، وتسعى وزارة الداخلية  باستمرار إلى إخفاء جرائم قتل السجناء أثناء التعذيب، عبر الضغط على عائلاتهم أو عبر الطب الشرعي الذي يؤكد عادة أن سبب الوفاة إما الانتحار أو الهبوط الحاد في الدورة الدموية، كما أن معظم المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب لا يعرفون أماكن احتجازهم، ولا الجهة التي ألقت عليهم القبض، وكانت أعينهم معصوبة أثناء التعذيب، وبالتالي يصعب معرفة الجاني لتوجيه التهم إليه بشكل مباشر.

     

    وتشهد مقرات قوات أمن الدولة عشرات الحالات من الاختفاء القسري لمدة زادت عن شهور وأعوام في بعض الأحيان، حيث يتعرض الضحية فيه لشتى أنواع التعذيب البدني والنفسي، لانتزاع اعترافات منه بالقوة وإجباره على الاعتراف بتُهم مُلفقة، كما أنّ هناك الكثير من مقار الاحتجاز البعيدة عن المُراقبة الحقوقية والقانونية، وترتكب الشرطة المصرية عمليات التعذيب ممنهجة بحق المعتقلين السياسيين، كما أنّ القانون المصري أعطى الحق لضابط الشرطة بتعذيب المتهم داخل السجن، لأن إحالة هذا الضابط إلى التحقيق مستحيلة إلا إذا اعترف هو شخصيًا بذلك، وفي حال صدور حكم بإدانته فإنه يعود مرة أخرى لممارسة عمله بعد قضاء العقوبة، لأن القانون لم يشر إلى العزل من الوظيفة وبالتالي القتل، وقد أعدمت السلطات 6 من الشباب في قضية "عرب شركس" تعرضوا للاخفاء القسري والتعذيب الشديد ومن ثم الحكم عليهم بالاعدام وتنفيذه واهدار حياتهم خارج إطار القانون في ظل افلات كامل من العقاب لمن أخفاهم، وعذبهم، وحاكمهم، وأعدمهم.

     

    وبدلًا عن معالجة الخلل الموجود  والقضاء على انتهاكات حقوق الإنسان، قررت السلطات المصرية في فبراير/ شباط  2016،  البدء في بناء سجن مركزي جديد بمحافظة "البحيرة"، على مساحة عشرة أفدنة (نحو أربعين ألف متر) ليصبح السجن التاسع الذي يصدر قرار بإنشائه منذ 3 يوليو/تموز 2013، فقد أنشأت السلطات سجن "ليمان جمصة"، في أغسطس/آب 2013، فضلا عن سجني "ليمان المنيا"، في مارس/آذار 2014، وسجن "الصالحية"، بالشرقية في أبريل/نيسان 2014، وفي ديسمبر/كانون الأول 2014 أنشئ سجن "الجيزة المركزي"، بينما تم بناء سجن "أسيوط"، في ديسمبر/كانون الأول 2015، وشُيد سجن النهضة بالقاهرة في مايو/أيار 2015، ولاحقا أنشئ سجن "15 مايو" بجنوبي القاهرة في يونيو/تموز من العام نفسه.

     

    وتنقسم السجون في مصر إلى ليمانات، وسجون عمومية، وسجون مركزية، وسجون خاصة، حسبما أشارت المادة رقم 396 لسنة 1956 من قانون السجون، وجميعها تنشأ بقرار جمهوري، وفي مصر تنقسم إلى 7 مناطق، بها 42 سجنًا بجانب 382 مقر احتجاز داخل أقسام الشرطة، بخلاف السجون السرية في معسكرات الأمن المركزي وفرق الأمن التابعة لوزارة الداخلية، وداخل المقرات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع، كما يوجد 9 مؤسسات عقابية ودور أحداث تُستخدم لاحتجاز القُصّر، ومراكز احتجاز غير قانونية كمقرات لتعذيب المختفين قسريًا وانتزاع اعترافات منهم بالقوة".

     

    وكانت المادة 126 من قانون العقوبات المصري تنص على أنّ "كل موظف أو مستخدم عمومي أمر بتعذيب متهم أو فعل ذلك بنفسه لحمله على الاعتراف يعاقب بالأشغال الشاقة أو السجن من ثلاث سنوات إلى عشر ، وإذا مات المجنى عليه يحكم بالعقوبة المقرر للقتل العمد"

     

    كما كانت قد فرضت اتفاقية مناهضة التعذيب التي صدقت عليها مصر على كل دولة طرف أن تتخذ إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أي إجراءات أخرى، لمنع اعمال التعذيب في أي اقليم يخضع لاختصاصها القضائي. وأكدت عدم جواز التذرع بأي ظروف استثنائية أو بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرّر للتعذيب، إلا أن أي من ذلك لم يحدث حتى هذه اللحظة.

     

    ويعد التعذيب الممنهج الذي يثبت على أي دولة أنه "جريمة ضد الإنسانية" تستوجب العقاب الرادع لمرتكبيها ومن نفذها ومن أمر بها بحسب اتفاقية روما الأساسية المؤسسة لمحكمة الجنايات الدولية، وقد أثبت بالقطع منهجية التعذيب في سجون مصر ولم تحاسب السلطات المسؤولة عن وقائع التعذيب مرتكبيها لا محليا ولا دوليا، وسط صمت دولي مدوي.

     

    أساليب التعذيب  المنتشرة في سجون مصر

    وقد بات التعذيب أسلوب مُمنهج وسياسة تتبعها السلطات المصرية، متمثلة في ذراعها الأمني (قوات الجيش، والشرطة المدنية)، بإختلاف أطيافهم المجتمعية، بل وحتى بإختلاف توجهاتهم، ومن أشكال التعذيب التي يتعرض لها المُعتقلين على يد أعضاء من جهاز امن الدولة كما قص ضحايا سابقين ونشطاء حقوقيين التالي :

     

    أ – التعليق كالذبيحة، الرأس لأسفل والقدمين لأعلى معلقتان في حبل، ويبدأ الصعق بالعصى الكهربائية في كل جسدي وبخاصة أعضائي التناسلية (الذكر – الخصيتين – الثديين)، أو بربط سلك في جسدي يتم توصيله بجهاز كهربائي وصعق الجسد، والضرب بالعصي وأسلاك الكهرباء.

     

    ب – عصر الخصيتين باليد بشدة، وقرص الثديين كذلك.

    ج – كل أشكال الصلب، فرد الذراع الأيمن وربطه في باب حديدي كبير (مشبك) أو على تصميم خشبي يُعرف (بالعروسة)، وكذلك الحال مع الذراع الأيسر، وربط القدمين مع فتحهما بشدة وإبعادهما عن بعضهما، أو ربط اليدين مقيدتين من الخلف في باب حديدي، أو ربطهما مقيدتان لأعلى، ثم الصعق بالصدمات الكهربائية والضرب بالعصي وأسلاك الكهرباء.

     

    د – التمدد على الأرض مقيد اليدين من الخلف، وكذلك القدمين والتعذيب والصعق بالكهرباء في كل أنحاء الجسد.

     

    هـ - التمدد على مرتبة مبللة بالماء ومتصلة بجهاز كهربائي، وأنا مقيد اليدين من الخلف، وكذلك القدمين، ويجلس شخص بكرسي بين كتفي، وشخص آخر بكرسي بين قدماي المقيدتين، والسبب في ذلك شدة الكهرباء التي تقفز بالإنسان إلى الأعلى أثناء التعذيب.

     

    و – الضرب بكف اليد اليمنى واليسرى على الوجه، وكذلك الضرب بقبضة اليدين.

     

    ز _ كذلك بات التعذيب بالكهرباء للأعضاء التناسلية أصبح منهجيا داخل أروقة سجون الأمن الوطني في مصر، حيث يتم توصيل أسلاك كهربائية بأعضاء المعتقل التناسلية، وصعقه مرارا حتى يغشى عليه.

     

    ويستخدم الضباط أوضاع تعذيب متفرقة وشديدة الوحشية، كالكسر المتعمد للأطراف مع ترك المعتقل دون تجبير أو علاج، وكذلك أوردت الرسالة أوضاع تعذيب شبيهة بتلك التي تمارسها سجون النظام السوري بحق معتقليه، كإطفاء السجائر في أجساد المعتقلين، والجلد والشبح، كما أنّ الإهانة النفسية كانت حاضرة بقوة في مناهج التعذيب حيث يجبر المعتقل أحيانًا على امتثال وضعيات "حيوانية" كالكلب والدودة، ويؤمر قهرًا أن يُعامل ككلب نابح ويخطو مثله لكي يعتق نفسه من حصة التعذيب اليومية.

     

    وقد عبرت الرسائل التي تمّ تسريبها من سجون الأمن الوطني بمصر  عن حجم التعذيب الوحشي الذي تمارسه السلطات المصرية ضد المعتقلين السياسيين في سجونها، وكشفت رسالة مسربة من سراديب الأمن الوطني بالفيوم، كتبها أحد المعتقلين بالداخل، نشرتها كافة وسائل الإعلام عن شرح تفصيلي لـ 12 وضعا  يعذب بهم المعتقلون داخل سجون الأمن الوطني، خاصة في غرفة أطلق عليها غرفة الجحيم لما تشهده من أفظع أنواع التعذيب.

     

    حملت الرسالة عنوان "رسالة الجحيم"، حيث أكد كاتبها، أن هناك 12 وضعًا للتعذيب يتم من خلالهم يتم إذلال المعتقلين من قبل قوات الأمن الوطني كالآتي:

     

    * وضع السرطان توصل الكهرباء بضرس العقل، ويتم الضرب بآلات حادة مع رش المياه حتى ينزف دماء. 

     

    * وضع الذبيحة يضرب المعتقل بعد تعليقه حتى تكون رأسه تحت ورجليه من فوق. وضع الشنطة يؤمر المعتقل بالسجود عاريًا ثم يربط من يديه ورجليه، ثم يحمل كأنه حقيبة ويرمى على الطرقات، ثم يحمل إلى غرفة الجحيم. 

     

    * وضع البرواز ربط الكفين بكلبش ووضع الذراعين لأعلى ثم يدخلون خشبة ما بين يديه ورقبته من الخلف، فتلتصق الذقن بالصدر. وضع القلب على المرتبة يقلب المعتقل على مرتبة مبلله بالماء، ويربط بكرسي ما بين يديه وكرسي أخر بين رجليه، حتى ينتج تورم في الجسد. 

     

    * وضع البرص يعلق المعتقل من رجل واحدة على باب غرفة "الجحيم" ثم يضرب بالأحذية على الجسم والرأس، ويبصق عليه. 

     

    * التعذيب الجنسى يؤمر المعتقل بالسجود عاريًا، ويقوم أفراد التعذيب بإدخال "قضيب" حديدي في مؤخرته ثم توصل الكهرباء حتى يغشى عليه أويموت وضع الكلب يربط المعتقل بطوق حديد حول رقبته، ويقولون له لا تتحدث بكلمة واحدة أنت اليوم كلب لا تكف عن النباح وإلا سيتم إدخالك بغرفة الجحيم. 

     

    * وضع الدودة يؤمر المعتقل بالزحف مثل الدودة. 

     

    * وضع السلخ يربط المعتقل من كفيه ويعلق في سقف غرفة "الجحيم" ثم يقوم أفراد التعذيب بإطفاء نيران السجائرة في جسمه، حتى يتورم ويحترق الجلد ليقوموا بعد ذلك بسلخ الجلد المحترق. وضع تكسير الأصابع يتم إمساك كل إصبع على حدة ثم يجذبونه للخلف بكل قوة حتى ينفصل الإصبع أو ينكسر. 

     

    * وضع القرفصاء يتم توصيل الكهرباء بالأذنين والعضو الذكري، ويأمرون المعتقل بالجلوس على وضع القرفصاء ويسكب عليه الماء. 

     

    وتدل استراتيجية التعذيب في السجون المصرية إلى عملية ممنهجة لها قواعدها وأوضاعها التي يتم تعميمها على المعتقلين السياسيين لاستنطاقهم باعترافات ترغب بها الجهات الأمنية، أو لكسر المعتقل نفسيًا، وأعنف تلك الانتهاكات هي الاعتداء الجنسي على المعتقلين لإجبارهم على تقديم اعترافات أو استنطاقهم بأسماء رفقاهم السياسيين، ولكسرهم نفسيا وإجبارهم على الاعتراف، فقد عرضت مُنظمات حقوقية شهادة مروعة لطالب في كلية العلوم بجامعة الأزهر تعرض لاغتصاب كامل خلال احتجازه وتم تصويره وهدده الضابط ببث الصور حال تقدمه بشكوى.

     

    وكانت أبرز حالات التعذيب التي رصدتها المنظمة داخل مقار الاحتجازوالتي تثبت منهجية التعذيب كدستور لسجون مصر كالآتي:

     

    الإغتصاب والتعذيب الجنسي

     

     "م _ر"

      يبلغ  22 عامًا، طالب بالفرقة الثانية كلية العلوم جامعة الأزهر تعرض للتعذيب والاغتصاب الكامل في قسم شرطة "ثاني مدينة نصر"، بعد أن تم القبض عليه هو وزميل له في كمين شرطة بمنطقة الجبل الأحمر بالحي السادس بمنطقة مدينة نصر أواخر فبراير/شباط 2014، بسبب وجود صورة شعار رابعة العدوية في هاتفه الجوال.

     

    تعرض الضحية للتعذيب بالسكاكين والكهرباء والضرب المتواصل على أعضائه التناسلية قبل أن يتم اغتصابه داخل إحدى الغرف بالطابق الثاني بالقسم على يد أفراد من جهاز الأمن الوطني، لأنه رفض الاعتراف بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، كما تم إرغامه على وصف قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بالبطل العظيم وغناء أغنية "تسلم الأيادي" بعد اغتصابه، وقد رفض الكثير ممن تعرضوا للاغتصاب للحديث عما جرى لهم، وكذلك أن الكثير ممن تعرضوا لتلك الجريمة البشعة ما زالوا داخل السجون وبالتالي لا يستطيعون المطالبة بحقوقهم أو رفع دعوى قضائية.

     

    وقد كشف توثيق مقابلات مع ضحايا ومحامين عن تورط الشرطة والأمن الوطني والجيش في نوع آخر من التعذيب البدني وهو العنف الجنسي بما يشمل من اغتصاب كامل واعتداءات جنسية لفظية أو حسية، واغتصاب بأدوات، وصعق الأعضاء الجنسية بالكهرباء، إلى جانب التشهير الجنسي والابتزاز الجنسي. ويكشف التقرير أنّ الجُناة في هذه الحالات قلما يحاسبون على هذه الجرائم جراء خوف الضحايا من الملاحقة، وما يجري من اعتداءات جنسية بحق المعتقلين السياسيين وصمة عار في جبين النظام الحالي الذي يستحل قتل المواطنين وترويعهم وامتهان كرامتهم وآدميتهم، وسط صمت دولي مشين، ولا تتعرض النساء وحدهن للعنف الجنسي بل الراجل أيضًا، و يشير معدل العنف الجنسي المشهود أثناء الاعتقالات وفي مراكز الاحتجاز إلى إستراتيجية سياسية تستهدف خنق المجتمع المدني في مصر وإسكات المعارضة بالكامل، لم يقتصر العنف الجنسي على البالغين فقط فقد طالت الاعتداءات الجنسية بحق المعتقلين السياسيين الأطفال.

     

    "مازن محمد عبدالله اسماعيل عامر"

    يبلغ من العمر 15 عامًا، طالب بالصف الأول الثانوي، بعد من أبرز حالات التعذيب والانتهاك الجنسي بحق الأطفال حيث تم اعتقاله من منزله في 30 سبتمبر/ أيلول 2015، دون امتلاك إذن نيابة أو قرار اعتقال له، حيث اقتحمت منزله وقامت باستجوابه داخل المنزل، وتفتيش هاتفه المحمول، ثم اقتادوه إلى قسم شرطة "مدينة نصر"، معصوب العينين، بقيادة ضابطين من ضباط الأمن الوطني، بعدما أخبروا والدته أنهم سيطرحون عليه بعض الأسئلة داخل القسم ثم يطلقون سراحة.

     

    وعقب القبض عليه توالت الانتهاكات الإنسانية ضد "مازن"، فتم إخفاءه قسرياً لمدة 10 أيام، أنكرت خلالها سلطات القسم معرفة أي معلومات عنه، وتعرض خلال فترة الاختفاء لألوان من التعذيب البشع بالضرب بالشوم والصعق بالكهرباء ، وتم اغتصابه وانتهاك عرضه عبر إدخال عصا خشبية مرارًا وتكرارًا في دبره، ثم تم صعق أعضائه التناسلية بالكهرباء، في قسمي شرطة أول وثاني مدينة نصر، لإجباره على الاعتراف بالاتهامات التي تم توجيهها إليه، والتي جاء إجمالها في التظاهر والانتماء لجماعة محظورة واثارة الشغب والتحريض على العنف.

     

    يعد ارتفاع حالات الاعتداء الجنسي على المعتقلين السياسيين في مصر الممارسات الممنهجة، تهدف إلى إذلالهم وإجبارهم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها،ووصف بعض النشطاء أن ما يظهر من هذه الحالات للعلن أقل بكثير من الواقع الأليم، وأن معظم الضحايا -خاصة من النساء- يحجمون عن مقاضاة الجناة خوفا من الفضيحة، وفي ظل انعدام العدالة في الوقت الحالي لا يسع المنظمات الحقوقية سوى توثيق تلك الحالات للحد منها وتمهيدًا لمقاضاة مرتكبيها مستقبلا، وتعد مديرية أمن الإسكندرية ومقرات جهاز الأمن الوطني بالمحافظات ومعسكرات الأمن المركزي وسجن العازولي العسكري والمؤسسة العقابية بالإسكندرية من أبرز الأماكن التي يتعرض فيها المعتقلون للاعتداءات الجنسية.

     

    وقد عرفت اتفاقية مُناهضة التعذيب، بأنه "أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث - أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية. ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها.2. لا تخل هذه المادة بأي صك دولي أو تشريع وطني يتضمن أو يمكن أن يتضمن أحكاما ذات تطبيق أشمل".

     

    تعذيب حتى الموت

    وتؤكد شهادات المعتقلين تعرضهم لانتهاكات شتى والتي تعد نوعًا من القتل البطيء، وتتمثل في التعذيب والحرمان من الغذاء والأدوية والرعاية الطبية، ولا تجد الدولة حرجًا بأن تُصرح بوجود بعض الأبرياء داخل السجون نتيجة الحالة التي تمر بها مصر، وتبقى حياة عشرات آلاف المُعتقلين وراء القضبان في مهب الريح، والذي يُعد نوع من القتل البطيء –خارج إطار القانون، وتتمثل الانتهاكات في التعذيب والحرمان من الغذاء والأدوية والرعاية الطبية، وقد توفيّ جراء ذلك  492 شخص حسب الاحصائيات الحقوقية، وكانت أبرز حالات الوفاة داخل مقار الاحتجاز كالآتي:

     

    "جوليو ريجيني"

     شاب إيطالي يبلغ من العمر 28 عامًا، كان يقيم في حي الدقي بمحافظة الجيزة منذ فترة، بصحبة شابين مصريين أحدهما يعمل محاميًا، وفتاة إسبانية، كما أنه طالب بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ويكمل دراسة الدكتوراة، حيث يتركز بحثه على النقابات العمالية في مصر بعد ثورة 25 يناير، ويتحدث أربع لغات وحاصل على عدة منح دراسية.

     

     

    استطاع "ريجيني"، أنّ يكون له صداقات بالقاهرة، واختفى في يوم 25 يناير/كانون الثاني 2016، أثناء ذهابه لمقابلة صديق له بمنطقة وسط البلد، ولم يستطيع أصدقاؤه التوصل إليه، رغم بحثهم عليه طوال الفترة الماضية، وقاموا بعمل محضر بتغيبه، وفي صباح الخميس 3 فبراير/شباط 2016، عثر عدد من المواطنين على جثته ملقاة في أول طريق "مصر - إسكندرية" الصحراوي بمدينة 6 أكتوبر، أمام مؤسسة حازم حسن بطريق مصر، مقتولًا وعاريًا وملقى بالشارع، وعلى الفور قاموا بإبلاغ الشرطة، والتي استدعت أصدقاءه، وتعرف عليه صديقه المصري الذي يعمل محاميًا.

     

    وكشف تقرير الطب الشرعي، وجود آثار تعذيب في الجسد بأكمله تمثلت في سحجات في الجسم من الأسفل نتيجة احتكاك جلد المجني عليه بجسم خشن، بالإضافة إلى وجود آثار كدمات متعرجة في الوجه والصدر نتيجة تجمع دموى تحت الجلد أحمر اللون، وأضافت التحقيقات، أنه تبين أيضاَ من معاينة الجثة وجود قطع وجروح في الأنف والأذن اليسرى كما أنه لم يتم العثور على أية متعلقات شخصية أو أوراق بحوزته، تساعد في التعرف على هويته.

     

    أثبتت تحريات الجانب الإيطالي فيما بعد أن "ريجيني"، قبض عليه على يد قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية حال وجوده على أحد مقاهي وسط البلد في 25 يناير/كانون الثاني، حيث اشتبهت فيه قوات الأمن بسبب لهجته المتعثرة، وتم عرضه للتحقيق الذي ذاق فيه ألوان التعذيب حتى فارق الحياة وتم القضاء جثته فيما بعد في أحد ضواحي حي 6 أكتوبر بمحافظة"الجيزة"، حيث تورطت الشرطة المصرية في قتله وتعذيبه، وواصلت السلطات الأمنية المصرية انتهاكاتها للحقوق المقررة في المواثيق والعهود الدولية، متجاوزة في سياساته القمعية حدود الدبلوماسية الدولية ورعاية حقوق المقيمين على أراضيها.

     

    وفي أعقاب أزمة "ريجيني"، تعرض مواطن مواطن مصري يحمل الجنسية الألمانية، يدعى "صفوت كرم نسيم"، بقسم العامرية بالإسكندرية، شمالي مصر، مؤخرًا، لعملية تعذيب على أيدي أجهزة الأمن، بعد ايام من أزمة مقتل الباحث الايطالي ريجيني بالقاهرة، وتقدم المحامي "عامر رمضان"، وكيلًا عن "صفوت كرم نسيم"، ألماني الجنسية،  بتظلم إلى المحامي العام لنيابات غرب الإسكندرية برقم 98 لسنة 2016، ذكر فيه أن رئيس مباحث قسم العامرية أول بالإسكندرية، "خالد السقا"، قام باحتجاز "نسيم" لمدة ستة أيام دون وجه حق، بعد قرار النيابة بالإفراج عنه، مما تسبب في تدهور حالته الصحية.

     

    وأشار البلاغ إلى أن "نسيم" مريض ويعاني من نسبة عجز 100%، وفق أوراقه الثبوتية الحاصل عليها من ألمانيا. وشكا المحامي من أن رئيس مباحث القسم لم يعر "نسيم" أي اهتمام خاصة عند طلب الأدوية الخاصة بأمراضه المزمنة، التي يحتاج إليها يوميا، بأمر الأطباء، مما كاد يودي بحياته، وعندما قام نسيم بتحرير محضر بالواقعة تم حفظه، وعند التظلم عادت الأوراق من جديد إلى وكيل النيابة الذي حفظها، بعد أن طلب التحريات من المشكو في حقه، عن نفسه.

     

    وذلك بالمخالفة، للكتاب الدورى السري، الذي أصدره اللواء محمود يسرى مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن، ووزع على جميع مديريات الأمن والإدارات العامة والمصالح الشرطية بالوزارة، يهدف إلى التعريف بكيفية التعامل مع الأجانب حال القبض على أى شخص أجنبى . والذي تضمن توصيات وزير الداخلية بضرورة إخطار مكتب الوزير شخصيا وقطاع الأمن الوطنى، حال القبض علي أى شخص أجنبى من قبل أى جهة من جهات الوزارة. 

     

    "ماجد الحنفي أحمد علي الجوهري"

    قتل ماجد في عمر ٣٥ عامًا ، وكان يعمل بشركة أنابيب البترول بالسويس، نتيجة الإهمال الطبي في ١٢ يونيو/حزيران ٢٠١٦، للعلاج خاصة بعد أنّ تدهورت حالته الصحية، والتي تم نقله على إثرها من مدة، لمستشفى سجن طرة حيث يعاني من عدة أورام، وقد قام بإجراء عملية استئصال القولون، كانت إدارة سجن "وادي النطرون"، تمارس تعنتًا مُستمرًا في تلقيه العلاج.

     

    كانت قوات الشرطة قد اعتقلته حال تواجده بمقر عمله في شركة أنابيب البترول بالسويس في ١١ ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٣، دون أن يمتلكوا قرار اعتقال أو إذن من النيابة بالقبض عليه، وأحالته النيابة العامة بمدينة السويس للقضاء العسكري وتم الحكم عليه بالسجن ٣ سنوات وحكم آخر في القضية العسكرية رقم 201 في ١٥ فبراير/شباط ٢٠١٦، وتم ترحيله من سجن "عتاقة"، بالسويس بعد الحكم عليه إلى سجن 430 بمجمع سجون "وادي النطرون".

     

    "ممدوح محمد بكر أحمد شلضم"

    كان يبلغ من العمر ٥٤ عامًا،  ويعمل "مدرس"، ويقيم بمنطقة  "أبو المطامير – محافظة البحيرة"، وتوفى بعد مايقرب من عامان من اعتقاله نتيجة الإهمال الطبي في ٢٧ إبريل /نيسان ٢٠١٦.

     

    كانت نيابة "البحيرة"، قد وجهت تهمة "حرق مركز حوش عيسى"،  للقضية رقم ٢٥٧ لعام ٢٠١٤،  وتم الحكم عليه بالسجن عشرة أعوام  وتم التقدم بطلب طعن على الحكم والذي لم يأخذ رقم للآن، وكان "ممدوح"، قد تم اعتقاله على يد قوات الشرطة، وذلك حال تواجده بأرضه الخاصة بالزراعة في يوم ٢٧ مايو/آيار ٢٠١٥، وذكرت أسرة المواطن، أنه كان يعاني من الفشل الكبدي وفيروسc واستيقاء بالبطن ويحتاج إلى بلازما داخل السجن أسبوعياً وقد تدهورت حالته الصحية داخل السجن واصبحت حرجة جدٌا، بالإضافة إلى وجود تعنت في إدخال مُستلزماته الخاصة من الأغطية والملابس والطعام والأدوية وغيرها، مما أدى إلى وفاته نتيجة للإهمال الطبي،  مما أثر على أسرته سلبًا، من الناحية النفسية والإجتماعية والإقتصادية، لا سيما أنه العائل الوحيد لهم.

     

    "حسن علي حسن الجمل"

    ويُذكر أن "ممدوح شلضم" توفى بعد مضي يومين على وفاة المواطن "حسن علي حسن الجمل"، 60 عامًا، المقيم بمحافظة "المنصورة"، بعد أن قد تم احتجازه مايقرب من مئة يوم ثم تم نقله لسجن المنصورة العمومي،  ومات داخل محبسه، عقب إعتقاله في 7 يونيو / حزيران 2014، وقد تعنتت إدارة مركز الشرطة في إدخال العلاج له أو التصريح له بالخروج لإجراء فحوصات وتلقي رعاية طبية مناسبة لحالته التي بدأت تتدهور منذ إعتقاله، حيث أنه مات نتيجة الإهمال الطبي داخل محبسه في يوم 25 إبريل/ نيسان 2016، وبحسب شهادة أسرة المواطن التي وثقتها المنظمة، أنه تعرض للإهمال الطبي وتعنت في إدخال الأدوية منذ بداية إعتقاله، وقد تعرض للسب والضرب بالهاروات الخشبية "الشوم"، بالإضافة إلى أنه كان يعاني من مشاكل القلب والسكري والغضروف وحصاوي بالكلى والضغط.

     

    وذكرت أسرة الضحية، إنه العائل الوحيد لأسرته المكونة من زوجته و 7 من الأولاد مضيفين أن إعتقاله أثر عليهم سلبًا من الناحية الإجتماعية والإقتصادية والنفسية، وتعنتت إدارة مقر الإحتجاز بسجن المنصورة في إدخال المستلزمات والأغراض والأدوية الخاصة به، وذكرت الأسرة على لسان زوجته أنها قامت بالتوقيع على عدة أوراق من اجل استلام جثمانه وهي لا تعلم ما تحتويه هذه الأوراق ولا ما تم توقيعه.

     

    وستظل ظاهرة وفاة المتهمين والمحبوسين داخل مقرات الاحتجاز ليست جديدة، وستبقى طالما أن المطلب الأبرز للثورة لم يتحقق وهو هيكلة وزارة الداخلية، قائلا "سواء كان سبب الوفاة تكدس المساجين أو التعذيب أو سوء التهوية، فإن وزارة الداخلية تتحمل المسؤولية عن حياة المحبوسين، وتتكرر حالات الوفاة داخل أقسام الشرطة نتيجة غياب المحاسبة، حيث لا يتم التحقيق بشكل جدي مع المسؤولين من الشرطة عن وفاة المحبوسين داخل الأقسام، وكذلك خوف معظم أهالي الضحايا من تقديم بلاغات تطالب بالتحقيق في مقتل أبنائهم.

     

    التعذيب بالإهمال الطبي 

    ولقد أصبحت مصر تشهد عنف شرطي بشكل غير مسبوق، دونما الحفاظ على حق المواطن المصون بالحياة، فيما لا تتخذ السلطات المصرية أي خطوات جادة لحل تلك القضية، أو مسائلة عادلة للمسؤولين عن وقوع عشرات القتلى داخل السجون المصرية، بسبب التعذيب أو الإهمال الطبي، وقد تم رصد الآلاف من الانتهاكات الآخيرة بالسجون المصرية، حيث تقوم إدارة مصلحة السجون على مستوى القطر  بالتعدي بالضرب على المعتقلين كما تقوم بحرق ملابسهم وأغطيتهم بعد سحبها منهم، فيما تمنع خروجهم للتريض،  كذلك دخول الأطعمة والكتب لهم، لتمنع المعتقلين من المشاركة بالأنشطة الثقافية والدينية والتربوية الرامية إلى النمو الكامل للشخصية البشرية، وسط  مضايقات يتعرض لها ذووهم أثناء الزيارة، في مخالفةً للمباديء الأساسية لمعاملة السجناء، مما أودى بحياة المصريين أما نتيجة الإهمال الطبي أو التعذيب حتى الموت، وتظهر أبرز حالات الاهمال الطبي كالآتي 

     

    "محمد إبراهيم عبد الفتاح البطراوي"

     يبلغ من العمر 56 عامًا، يعمل "وكيل مدرسة عبدالمنعم رياض الاعدادية"، ويقيم بمحافظة"السويس"، والذي تم اعتقاله حال تواجده بمكان عمله بالمدرسة دون وجود سند قانوني أو أذن نيابي يبيح اعتقاله، وذلك في 11 نوفمبر/تشرين ثانِ 2013.

     

    وكانت نيابة "السويس"، قد اتهمته بـ "التظاهر والانتماء لجماعة محظورة وقتل طفل أثناء سير المسيرة ، اما عن التجديدات وسير المحاكمة القانوني فيتم التجديد له 15 يومًا ليتجاوز بذلك مدة الحبس الإحتياطي المقررة قانونًا حيث أنه أوشك على قضاء قرابة الثلاثة أعوام بمقر احتجازه. 

     

    وقد تم نقل المُعتقل من سجن "وادي النطرون"، لمشفى "لومان طُرة"، في 17 مايو/آيار 2016، وذلك بعد تدهور حالته الصحية حيث أنه يعاني من اعياء بالكبد والدوالي ويحتاج إلى إجراء منظار طبي لكن طبيب المشفى خبرهم أن تلك الامكانيات الطبية غير مُتاحة لديهم، بالإضافة إلى أنّ هناك تعنتًا في إدخال المستلزمات الخاصة والأغطية والملابس والطعام والأدوية وغيرها من المُستلزمات الشخصية، كما أن الأسرة ممنوعة من زيارته وقد تقدمت الأسرة بالعديد من الشكاوى للنائب العام والجهات المعنية دون رد، ومؤخرًا ذكرت الأسرة أنّ حالته الصحية في مرحلة متدني من السوء ويعاني من فقدان الوعي باستمرار داخل مقر احتجازه.

     

     "مُعاذ مصطفى مجاهد غريب"

     20 عامًا، طالب بكلية "لغة عربية _ قسم تاريخ وحضارة _ جامعة الأزهر فرع الزقازيق"، ويقيم بـ "ديرب نجم _ شرقية"، تُفيد إعتقاله على يد قوات شرطية دون إمتلاك تصاريح أو إذون تفيد ضبطه أو إعتقاله حال تواجده بمنزله، وذلك في يوم 27 يناير/كانون الثاني 2016.

     

    وذكرت أسرة "مُعاذ"، أنّ قوات الأمن قامت بإعتقاله تعسفيًا، ومن ثم وجهت له النيابة تُهمٍ مُلفقة منها "التظاهر والانتماء لجماعة أُسست على خلاف القانون"، وأحتجزته بمركز شرطة "ديرب نجم"، ، والذي ما زال قابعًا فيه حتى الآن، مشيرين إلى أنه يتم التجديد له 15 يومًا، كما نفت الأسرة التهم الموجهه له.

     

    وأضافت أسرة الطالب، أنّ ظروف الاحتجاز والإهمال الطبي داخل مركز الشرطة قد يؤثر عليه ويودي حياته، خاصة وأنه يعاني من حالة نفسية واكتئاب شديد يؤدي إلى فقدانه الوعي ويصاب بتشنجات فور إفاقته ويتم حقنه بمواد مخدرة لتنويمه ولا تستطيع الأسرة زيارته لأنه في حالة غياب عن الوعي دائمًا، بجانب أنّ هناك تعنتًا في إدخال المستلزمات الخاصة والأغطية والملابس والطعام والأدوية وغيرها، ولم تجدي الشكاوى التي تقدمت بها الأسرة للنائب العام والمُحامِ العام نفعًا  بالإضافة إلى طلب تم تقديمه لإدارة مصلحة السجون بنقله إلى مشفى حيث لم ترد إجابة من أية جهة على شكواهم.

     

     "محمود محمد محمد عبدالله جويدة"

    يبلغ من العمر٥٥ عامًا، يعمل مُدرس ويقيم بمنطقة "كفر الدوار _ البحيرة"،  والذي تم إعتقاله حال تواجده بمنزله على يد قوات من الأمن يرتدون زيًا رسميًا دون إمتلاك تصاريح تفيد ضبطه أو إعتقاله، وذلك في يوم 22 إبريل/نيسان 2016.

     

    تم احتجاز المواطن "محمود"، بمقر قوات الأمن المركزي بكفر الدوار، واتهمته النيابة التي تم عرضه عليه بالتظاهر والإنتماء لجماعة محظورة في القضية 8719 لرقم 13 مقيدة برقم 1237، وقد تم تأييد الحكم عليه بالسجن خمس سنوات، وأضافت الأسرة أنه يعاني قصور فى الشريان التاجي وكان قبيل اعتقاله قد اجرى عملية قلب مفتوح وعملية بالغدد اللعابية، وقد ذكرت الأسرة المكونة من زوجته وثلاثة أولاد أنهم تأثروا بالغ التأثر بما جرى، وأنّ اعتقاله يؤثر عليهم سلبًا من جميع الجوانب الإقتصادية والإجتماعية والنفسية، خاصة أنه العائل الوحيد للأسرة، ويذكر أن نجله الوحيد "أسامة"، معتقل مُنذ مايقرب العاميين وحالته الصحية متدهورة جدًا.

     

     "أحمد نصر عبيد شعبان"

    يبلغ من العمر 29 عامًا، ويعمل كـ "محاسب"، ويقيم بمنطقة "أبو المطامير _ البحيرة"، على يد قوات شرطية دون وجود تصاريح بالقبض عليه أو احتجازه وذلك حال تواجده بمستشفى "الجامعة"، بالأسكندرية جراء إصابته إثر حادث سيارة تعرض له في 6 مايو/آيار 2015.

     

    كانت نيابة "أبو المطامير"، قد وجهت تهمة التظاهر والإنتماء لجماعة محظورة إليه للقضية رقم 64 لسنة 2015 جنايات جنوب دمنهور الكلية، ويتم التجديد له ٤٥ يومًا، وقد تقدمت الأسرة بالعديد من الشكاوى والبلاغات للجهات المعنية والنائب العام لكن دون إستجابة من السلطات ودون إكتراث بالمُعاناة التي تعيشها الأسرة إثر اعتقاله بدون أدلة داتمغة وحقيقة.

     

    يعاني "أحمد"، بتر في الساق اليمني، وبتر بأصابع الإبهام والسبابة اليمني، وحروق من الدرجة الثانية بالوجه والذراعين والفخذ الأيمن والفخذ والساق اليسري بنسبة 20%،وأوصى طبيبه الخهاص بمتابعة حالته الصحية، وبعد ضغط من قوات الأمن علي اطباء المستشفى تم كتابة قرار بخروج من المستشفي بتاريخ ١ يونيو/حزيران 2016، وتم نقله إلى معسكر "قوات الأمن"، بدمنهور واستمر منع أسرته من زيارته لمدة أسبوعين، وبعدها كان فاقداً للوعي ولم يستطع التعرف على أهله،وكان يعاني أيضاً من فقدان في الذاكرة وهذا ما كان يعرضة للتعذيب والضرب الشديد من الشرطة أثناء الاستجواب ولا يستطيع تذكر ماجرى له، ويكر أن  المعتقل قد بدأ إضربًا إحتجاجًا على الأوضاع الصحية اليوم 30 إبريل/نيسان 2016.

     

    وقد قضت القواعد النموذجية لمُعاملة السجناء في حق الخدمات الطبية بالآتي

    "22. يجب أن توفر في كل سجن خدمات طبيب مؤهل واحد على الأقل، يكون على بعض الإلمام بالطب النفسي. وينبغي أن يتم تنظيم الخدمات الطبية على نحو وثيق الصلة بإدارة الصحة العامة المحلية أو الوطنية. كما يجب أن تشتمل على فرع للطب النفسي تشخيص بغية حالات الشذوذ العقلي وعلاجها عند الضرورة.(2) أما السجناء الذين يتطلبون عناية متخصصة فينقلون إلى سجون متخصصة أو إلى مستشفيات مدنية. ومن الواجب، حين تتوفر في السجن خدمات العلاج التي تقدمها المستشفيات، أن تكون معداتها وأدواتها والمنتجات الصيدلانية التي تزود بها وافية بغرض توفير الرعاية والمعالجة الطبية اللازمة للسجناء المرضي، وأن تضم جهازا من الموظفين ذوى التأهيل المهني المناسب".

     

    التعذيب والإخفاء القسري

    التعذيب في أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز، أصبح شيئًا روتينيًا الذي يتم بشكل خاص مع المعارضين السياسيين من أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين" وغيرهم، بهدف انتزاع اعترافات من المتهمين، أو لإجبارهم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها، كما أنّ إدارة حقوق الإنسان بوزارة الداخلية المصرية تنفي زيادة أعداد القتلى جراء التعذيب في أقسام الشرطة، واصفة الاتهامات الموجهة إليها بالكلام المرسل، وعادة ما تنفي وزارة الداخلية الاتهامات الموجهة إليها من قبل منظمات دولية ومحلية بارتكاب تلك التجاوزات، وتؤكد التزامها بالمعايير الدولية في معاملتها للمعتقلين في سجونها من مختلف الأعمار، وتظل فترة التحقيق داخل أقبية جهاز الأمن الوطني هي الأصعب والأقسى على الإطلاق حيث الموت البطيء والإذلال المتواصل وحفلات التعذيب المُستمرة، وما إن تطأ قدما مُعتقل أرض السجن حتى يتم استقباله بحفلة تسمى "التشريفة"، حيث يصطف عشرات الجنود في صفين متقابلين ويمر المُعتقل وسط الجنود وهو يجري، بينما يقوم الجنود بضربه إما بالسياط وإما بعصي خشبية وبلاستيكية، وبعدها يتم تجريد المعتقل من ملابسه وإحراقها أمامه، ثم يتسلم ملابس السجن.

     

    وفيما يلي نذكر بعض حالات الإختفاء القسري، المتهم بارتكابها السلطات الأمنية وقوات الأمن:

     

    "محمد حسين السيد السمان"

     يبلغ من العمر 29 عامًا، يعمل مُهندس كومبيوتر، ويقيم بمنطقة "مدينة نصر الحي الثامن مشروع 27"، والذي تم اختطافه على يد قوات الجيش والشرطة حال تواجده أثناء عملية فض اعتصام "رابعة العدوية"، في 14 أغسطس/آب 2013.

     

    وقد جاء اختطافه بعد مكالمة أجراها مع أسرته أكد فيها تواجده بمقر الاعتصام ومن وقتها ولا تعلم الأسرة عنه مكان احتجازه حتى الآن ليستمر اختفاءه قرابة الثلاث سنوات، وقد تقدمت الأسرة بالعديد من الشكاوى والمُطالبات للجهات المعنية لكن دون جدوى ودونما استجابة ليظل مُختفي للآن.

     

    "أيمن عبد الحميد إبراهيم حسين أيوب"

     شهرته "أيمن ايوب"، ويبلغ من العمر 51 عاماً، ويعمل مُهندس زراعي، ويُقيم بـ "العريش _ شمال سيناء"، تم اختطافه على يد قوات الجيش حال تواجده بمنزله وذلك في 2 مايو/آيار 2015،  بالمخالفة لنص الفقرة الثانية من المادة السابقة الذكر "يتوجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه كما يتوجب إبلاغه سريعا بأية تهمة توجه إليه".

     

    كانت أسرة المواطن شهود عيان على الواقعة حيث قالوا أن قوات الجيش اقتحمت المنزل بعد مداهمته وألقوا القبض عليه دون سند قانوني أو أذن نيابي بالمخالفة للقانون، وقد تقدمت الأسرة بالعديد من الشكاوى والمُطالبات للجهات المعنية لكن دونما إكتراث بالمُعاناة التي تعيشها الأسرة خاصة وأنه عائل الأسرة الوحيد المكونة من زوجته وأربعة أبناء دون استجابة، ليمر عام على اختطافه دون التوصل إلى مكان احتجازه.

     

    "طارق محمود شوقي نصار"

    الشهير بـ "طارق نصار"، 31 عامًا، يعمل في الأعمال الحرة، ويقيم بمنطقة "شمال العريش – سيناء"، تُفيد إختطافه وإختفاءه قسرًا على يد قوات الأمن المصري وذلك حال تواجده بكمين "رمانة"، وذلك في يوم 7 أكتوبر/تشرين أول 2015.

     

    كان "طارق"، قد تم توقيفه حال مروره بقسم "رمانة"، وقد اتصل على صديق له يستنجد به يخبره بما حدث ليذهب صديقه وذويه للبحث عنه بعد ذلك لكن دون جدوى، فلم يُعثر له على أثر، وقد أضافت الأسرة أن اعتقاله يؤثر سلبًا عليهم من جميع الجوانب الإقتصادية والإجتماعية والنفسية، حيث أنه عائل أسرته الوحيد المكونة من زوجته وطفل صغير، وقد بلغ لعلم الأسرة فيما بعد أنه محتجز بسجن العازولي الحربي.

     

    وكانت المادة 2 من إعلان حماية جميع الأشخاص من الإختفاء القسري، نصت على أن ّ"1. لا يجوز لأي دولة أن تمارس أعمال الاختفاء القسري أو أن تسمح بها أو تتغاضى عنها.2. تعمل الدول علي المستوي الوطني والإقليمي، وبالتعاون مع الأمم المتحدة في سبيل الإسهام بجميع الوسائل في منع واستئصال ظاهرة الاختفاء القسري".

     

    تعذيب المرأة في السجون

    لم تسلم المرأة المصرية من السجن والتعذيب والقتل والاخفاء القسري والتعرض لكافة انتهاكات حقوق الإنسان، بالإضافة إلى الانتهاكات الجنسية التي وصلت حد الإغتصاب من قبل قوات الأمن المصري ولم يتم التحقيق في شكاوي حالات التعذيب أو الاغتصاب التي قدمت للنيابة والمحاكم والأمم المتحدة.

    فالأوضاع الحقوقية المتردية التي تعاني منها المرأة المصرية على يد السلطات تتبدل من سيء إلى أسوأ، فقد قتلت 200 امرأة، بينهن طفلات، على يد قوات الأمن خارج إطار القانون، بينما اعتقلت السلطات المصرية نحو ما يزيد عن 2500 معتقلة تعسفيا اعتقلن أثناء مشاركتهن في التظاهرات على مدار 3 أعوام مازال منهن 49 رهن الاعتقال، كما وثقت "هيومن رايتس مونيتور" 5 حالات اغتصاب داخل مقرات الإحتجاز بينما اشارت جهات حقوقية اخرى الى وصول العدد لـ 50 حالة.

     

     هذا وقد رصدت منظمات حقوقية أرقام لانتهاكات بحق المرأة المصرية تنوعت مابين:

    التحرش الجنسي: تم رصد وقوع 1147 حالة تحرش منذ 30 يونيو/ 2013 أثناء مشاركة المرأة في تظاهرات سياسية وأثناء اعتقالهم و احتجازهم.

     

    كشف الحمل قسرًا: وقوع 317 حالة كشف حمل قسرًا على الفتيات والنساء المعتقلات في مصر منذ 30 يونيو/حزيران 2013 أثناء ترحيلهن إلى السجون أو مقرات الاحتجاز، ومن أشهر المعتقلات اللاتي تعرضن لهذا الإجراء؛ "سناء سيف الإسلام"، البالغة من العمر 21 بعد اعتقالها من تظاهرة رافضة لقانون التظاهر بمحيط قصر الإتحادية.

     

    الاغتصاب: تم رصد 50 حالة اغتصاب وثقت منهن 20 حالة قامت بها قوات الأمن ضد النساء والفتيات منذ 30 يونيو/حزيران 2013، منهن 12 حالة بسجن الأبعادية.

    قتل النساء: تم رصد 200 قتيلة من نساء المعارضة قُتلوا على يد قوات الأمن المصرية منذ 30 يونيو/حزيران 2013

    الاعتقال: تم رصد 49 حالة لازالت في سجون السلطة المصرية، فضلًا عن 9 فتيات مفقودات.

    ومن أبرز أشكال الانتهاك التي تتعرض لها الفتيات المعتقلات أيضا بعد التعذيب المؤدي إلى الشلل هو التعرض للضرب المبرح والسحل والتحرش من قبل قوات الأمن، وإجبارهن على ارتداء ملابس السجن الخفيفة الشفافة، وتعرضهن إلى تفتيش ذاتي مهين وصل إلى حد التحرش، وحجز الفتيات في عنابر الجنائيات مما يجعلهن في قلق دائم خوفا من إيذائهن.

    تعذيب حتى الشلل

    26June

    التعذيب دستور السجون المصرية

     

     

    مع حلول اليوم العالمي لمناهضة التعذيب 26 يونيو/حزيران من كل عام يستمر وضع حقوق الإنسان في التدهور بشكل يومي بمصر، ولم تؤتي التقارير الحقوقية المحلية منها والدولية، ولا الإدانات، ثمارها في وقف تلك الانتهاكات المُمنهجة ولا حتى التخفيف منها، وقد لعبت المنظمات الحقوقية المصرية والعربية والدولية دورًا مشهودًا في رصد وتوثيق وفضح انتهاكات حقوق الإنسان، غير أن استشراء الانتهاكات كما وكيفا وتكرارها بين حين وآخر، بات عائقًا دون إمكانية رصدها جميعًا، فيستمر النظام في انتهاج سياسة ممنهجة للتعذيب أودت بحياة المئات، الأمر الذي يبدو أنه بات اعتياديًا<

    مصر السيسي الانهيار الاقتصاد القمع الإرهاب سيناء التعذيب السجون

    أخبار