الثلاثاء 23 أبريل 2024 08:34 مـ 14 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    بحوث ودراسات الفقه وأصوله

    الجهاد فى واقعنا المعاصر - 4 - من سيرفع راية الجهاد

    رابطة علماء أهل السنة

     

     

    من سيرفع راية الجهاد؟

      منذ إسقاط الخلافة الاسلامية  سنة  1924م توقف جهاد الفتح ( أي جهاد الاعداء في ديارهم ونشر الاسلام فيها ) ومن وقتها والأمة لاتعرف الا جهاد الدفع وهو كما قال ابن تيمية : دفع الصائل الذي يفسد الدنيا والدين، لاشيء أوجب بعد الايمان من دفعه، فلا يشترط له شرط بل يدفع بحسب الامكان .  وهو متعين على كل إنسان بمايستطيع.

       وكان جهاد الدفع منصباً على الاحتلال الاجنبي الذي استطاعت الأمة أن تكبده أعظم الخسائر، فجادت قريحة الاحتلال بفكرة جديدة تتمثل  في ترك البلاد لوكلاء يقومون بمهمته من أهل البلاد بدلا من أن يتركها لأهلها ، فكانت صناعة الـزعماء، والأنظمة و صناعة النجوم الذين يقومون نيابة عن الاحتلال بإحباط ثقافة الجهاد، والركون إلى السكون والدعة والاستضعافـ ، الوكلاء الذين يكرسون التبعية للغرب والإذعان لثقافته ومناهجه على حساب الثقافة الاسلامية والمناهج الاسلامية.

    فكان كمال أتاتورك، وجمال عبد الناصر، وصدام حسين، وحافظ الاسد، والقذافي، وعبد الله صالح، والملك حسين، وابورقيبة وغيرهم.

    قام هؤلاء بجهود جبارة لتغريب الأمة ومحو هويتها ،وتحويلها بالتلبيس والتجهيل والتغريب إلى مسخ  لاطعم لها ولا رائحة، واستخدوا شيوخاً ورموزاً دينية لتلميع صورتهم عند الشعوب، واقناع الشعوب زورا وبهتانا بعمق تدينهم، وعظيم مكانتهم ،ووجوب طاعتهم !! رغم رفعهم جميعا لرايات لاعلاقة لها بالإسلام كالقومية والاشتراكية والشيوعية والعلمانية وغيرها من الإفكار البالية!!

    واستطاع هؤلاء أن يفرغوا الأمة من معالمها الرئيسة وأبرزها الجهاد ،ووصل هذا الخواء الى فكر كثير من العلماء والمصلحين والتيارات الاسلامية حتى اختفى الجهاد قولا وعملا،اختفي الجهاد فكراً وتطبيقا، اختفى الجهاد إعداداً ومواجهة.

    ولوسالت نفسك متخيلاً ما الذي يمكن أن يدفع الامة لإعلان الجهاد؟

    هل ستجاهد الامة اذا احتُلت بعض بلادها؟ لا أعتقد ذلك ، فها هي فلسطين والعراق وافغانستان وبورما وتركستان الشرقية، وكانت البوسنة والهرسك واذربيجان والشيشان وغيرهم الكثير والكثير ، فهل جاهدت الأمة؟!!! بل ألم تشارك بعض الدول الاسلامية قي تمكين العدو من احتلال تلك البلاد؟!!

    هل تجاهد الامة إذا تم الاعتداء على أموالها أودينها أوعرضها، أوسفكت دماء المسلمين؟؟

    بالله عليك قل لي : ما الذي لم يحدث للأمة من كل هذه الجرائم ، والأمة كما هي لم تتحرك، فما الدماء التي تسفك ليل نهار إلادماء المسلمين، وما الأعراض التي تنتهك إلا أعراض المسلمين، وما الثروات التي تنهب إلا ثروات المسلمين، وما الدين الذي يحارب ليل نهار غيرالإسلام؟ بل إنك ستجد من تجار العلم من يفتي بحل كل هذا الفساد؟!!

    هل ستجاهد الأمة لو أن إيران احتلت السعودية مثلا ؟!  أعتقدد أن ذلك لن يحدث ، لأنه لم يُعد أحد لمثل هذا اليوم عدته، وما الفارق بين السعودية والعراق؟ فقد تم احتلال العراق بمباركة ومشاركة العرب والمسلمين، وتم احتلال سوريا كذلك بمباركة ومشاركة بعض العرب والمسلمين، وتم احتلال اليمن كذلك بمباركة ومشاركة بعض العرب والمسلمين، فما المانع من احتلال السعودية أو مصرأو غيرها بمباركة ممن تبقى من العرب والمسلمين.  هل سيجاهد السيسي، أم حفتر، أم الامارات، أم الأردن...  أم من ؟!!!   بل ستجد من علماء الضلال من يقول انهم يستحقون ويذكر لك مبررات عدة!!

    اقول متأسفا: حتى لو احتل الاعداء القدس كاملة، أو حتى الكعبة فمن تراه سيجاهد، ومن أعد لذلك  اليوم عدته؟!  اللهم إلا تلك الثلة المباركة في فلسطين من المجاهدين الأبطال، ولذلك يحاصرهم وكيل الصهيونية في مصر!!

    ولذا أنادي: بل أصرخ قي الأمة كل الأمة وخاصة في العلماء والرواد: أن أعيدوا للأمة شرفها فقد أصبحت بلا شرف، أن أعيدوا للأمة هويتها

    فالأمة في حالة أعتداء من الاعداء ووكلائهم لم يسبق لها مثيل ، وتستعد المنطقة لصراع مرير لامكان فيه لاصحاب الرايات البيضاء ، ولامكان فيه لمن لم يعد لهذا اليوم عدته .

    وجيوش الوكلاء لم تُصنع لنصرة البلاد والعباد، وإنما صنعت لنصرة من صنعوها فقط ، وأكثر التيارات الإسلامية تنطلق منطلقا فكرياً تنظيميا أكثر من كونه منطلقا شرعيا تأصيليا ، بل لم يصبح لأهل العلم بينهم مكانا!!

    فمن الموكل الآن بإعداد الأمة وتهيئتها، ومن المسؤل عن حفظ الدين وحمايته، ومن المعني بقيادة الأمة وحفظ هويتها إذا خان الحكام... إلا العلماء ؟!!

    ألعلماء الذين أخذوا تفويضاً من الله تعالى للتوقيع عنه سبحانه، العلماء هم المخاطب الآن بهذا الواجب ، هم المخاطب بوضع الخطط ، هم المخاطب بإعداد القوة، هم المخاطب بحشد الأمة وإعادتها إلى دينها .

    نحتاج إلى علماء ليقودوا الأمة بعلمهم لا بشخوصهم، وبدينهم لابأطماعهم، وبالمنطلقات الشرعية لابالمنطلقات الحزبية أو الايدلوجية.

    فخروج الأمة من هذه المآسي الرهيبة لن يكون إلا بالجهاد في سبيل الله ، ولامجال لتحقيق هذا الركن إلا بالعلماء، فكيف يتحقق هذا، ومتي يتحقق، وأين ؟  هذا حديثنا القادم بإذن الله تعالى.

    د جمال عبد الستار محمد

    الأستاذ بجامعة الأزهر والأمين العام لرابطة علماء أهل السنة

    بحوث ودراسات