السبت 20 أبريل 2024 04:15 صـ 11 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    فتاوى استشارات

    مفهوم العلاقة الزوجية وأهميتها

    رابطة علماء أهل السنة

     

                    

                                                                                              

    تاريخ الإضافة: 29/3/2016 ميلادي - 19/6/1437 هجري

     

    إن الدعوة إلى الله تنمي الشعور لدى الزوجين بقيمة استقرار الحياة الزوجية وأهميتها، وضرورة ذلك للفرد والأسرة والمجتمع، كما أنها تحقق لهما العديد من الأهداف المطلوبة كالتوعية بمقاصد الزواج في الإسلام، والتبصير بحقوق الزوجية وواجباتها الخاصة بكل طرف فيها، إضافة إلى بيان الأسس التي تقوم عليها الحياة الزوجية الناجحة، وكذلك كيفية التعامل الإيجابي مع مشكلات الحياة الطارئة بحكمة وفاعلية تحفظ لهذه العلاقة رونقها وسموها وسعادتها، خاصة وأن استقرار المجتمع الإسلامي يعتبر من أهداف الدعوة إلى الله، وتحقيق هذا الهدف ينطلق من إصلاح اللبنة الأولى للمجتمع وهي: (الأسرة).

     

    أولاً: مفهوم العلاقة الزوجية:

    الزواج في الإسلام: "رابطة شرعية محكمة بين رجل وامرأة على وجه الدوام والاستمرار، وتنعقد بالرضاء والقبول الكامل منهما وفق الأحكام المفصلة شرعاً"[1]، وتعد العلاقة الزوجية أقوى ارتباط معنوي ومادي بين الزوجين، ويقوم على أسس ومبادئ وآداب تقوي هذه العلاقة، وتنظم الحقوق والواجبات بين الزوجين في ضوء القرآن والسنة، بما يحقق مقاصد الزواج السامية، ويوفر أسباب السعادة والاستقرار ويحد من مظاهر النشوز والشقاق والتفكك الأسري، فالعلاقة الزوجية السعيدة هي العلاقة الاجتماعية والنفسية التي يحقق فيها الإنسان حياة الاستقرار والسكينة.

     

    إن العلاقة الزوجية هي العلاقة الوحيدة التي ارتضاها الإسلام لنوع العلاقات بين الرجل والمرأة، وهذا يتصادم مع الهجمات الشرسة التي تسعى لتفكيك الأسرة وتحطيم كيانها وأسسها الشرعية عبر مؤتمرات عديدة تدعو صراحة لإلغاء مفهوم الأسرة القائم على ارتباط الرجل بالمرأة بميثاق شرعي، إلى اعتبار ذلك متحققاً من خلال أي ارتباط بين أي رجل وامرأة ولو بلا ميثاق ولا عقد شرعي[2].

     

    ثانيا: أهمية العلاقة الزوجية:

    تنبع أهمية العلاقة الزوجية من أهمية الزواج ذاته، فهو منة الله على عباده، وهو الأساس الذي تقوم عليه الأسرة والمجتمع قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً.. ﴾ [النحل: 72]، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "يذكر الله نعمه على عبيده بأن جعل لهم أزواجا من جنسهم وشكلهم، ولو جعل الأزواج من نوع آخر لما حصل ائتلاف ومودة ورحمة، ولكن من رحمته خلق من بني آدم ذكورا وإناثا، وجعل الإناث أزواجا للذكور" [3].

     

    وتمثل العلاقة الزوجية السلوك والتفاعل بين الزوجين، إذ إنها مجال ترجمة المشاعر والرحمة والسكون والمودة بينهما، وهي الارتباط الذي يحقق أهداف ومنافع الزواج إذا كانت العلاقة سامية متينة البنيان، يقوم كل طرف فيها بواجباته ومسؤولياته، فالزواج منافعه عظيمة وغاياته نبيلة، فهو مستقر العواطف وسكنها كما قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً.. الآية ﴾ [الروم:21] فنعمة الله تتحصل "بما رتب على الزواج من الأسباب الجالبة للمودة والرحمة، فحصل بالزوجة الاستمتاع واللذة، والمنفعة بوجود الأبناء وتربيتهم، والسكون إليها، فلا نجد بين اثنين في الغالب مثل ما بين الزوجين من المودة والرحمة"[4] وهو طريق إشباع الحاجات الجسدية الفطرية والعاطفية عند الرجل والمرأة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا معشر الشباب، من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"([5])، وهو بذلك يحقق الأمن للمجتمعات من الانحرافات ويقيها من التفكك بما يحقق من إشباع للفطرة والغريزة، وتلك هي سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم:" ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني"[6].

     

    كما أن العلاقة الزوجية هي أساس البناء الأسري وسبب لاستمرار بقاء الإنسان وامتداد نسله وتكثير سواد الأمة وقد حث نبينا صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله: " النكاح من سنتي، فمن لم يعمل بسنتي فليس مني، وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم"[7].

     


    [1]ميثاق الأسرة في الإسلام، د. أحمد العسال وآخرون، ص121، ط:1، ( الرياض، اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل، دار الرواد، 1430هـ)

    [2] انظر، العدوان على المرأة في المؤتمرات الدولية، د. فؤاد عبد الكريم العبد الكريم، ص175، ط: 1 (الرياض،كتاب البيان مطابع أضواء المنتدى، 1426هـ )، دليل الإرشاد الأسري ( الإرشاد بالمقابلة)، عبد الله ناصر السدحان، ص13.

    [3] تفسير القرآن العظيم، الحافظ ابن كثير، 4/ 505، ط: بدون (مصر، كتاب الشعب، 1390هـ/ 1971م).

    [4] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، عبد الرحمن بن ناصر السعدي، ص588، ط:7 (بيروت، مؤسسة الرسالة، 1418هـ/ 1997م).

    [5] صحيح البخاري، ك النكاح ب من لم يستطع الباءة فليصم ح 5065.

    [6] صحيح البخاري، ك النكاح ب الترغيب في النكاح ح 5063.

    [7] صحيح سنن ابن ماجه، الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ك النكاح ب ما جاء في فضل النكاح ح 1495،ط: 3(بيروت،المكتب الإسلامي، 1408هـ/ 1988).

     

     

    فتاوى