الأربعاء 24 أبريل 2024 06:34 صـ 15 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    فتاوى الصيام

    حكم رفض تزويج البنت بحجة أنها صغيرة

    رابطة علماء أهل السنة

                                           

     

    تاريخ الإضافة: 30/3/2016 ميلادي - 20/6/1437 هجري

    السؤال

     

    ♦ ملخص السؤال:

    فتاة يتقدم لها كثير من الشباب للزواج منها، لكن والدها يرفض بحجة أنها ما زالت صغيرة، مع أنها في الخامسة والعشرين من عمرها.

     

    ♦ تفاصيل السؤال:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    أنا فتاة في منتصف العشرين من عمري، لديَّ مشكلة وأرجو أن تشيروا عليَّ برأيكم.

     

    والدي يرفض تزويجي، وكلما تقدم لي شابٌّ رفض، حتى من قبلِ أن يراه، بحجة أنني ما زلت صغيرةً، وأنَّ الفتيات من الممكن أن يتزوجن في سنِّ 30، ولا إشكال في ذلك، وأحيانًا يرفُض بحجة أن الفتاة لا بد أنْ يكونَ وزنها كبيرًا وأنا هزيلة الجسَد!

     

    هناك من تقدَّم وأعجبتني أخلاقه ومعاملته، لكنه يرفض، بحجة أنه ليس غنيًّا، مع أني أشعر أنه لا يُريد تزويجي مِن أجْل راتبي؛ لأني أُساعِد في الإنفاق على البيت، وربما يخشى من انقطاع هذا.

     

    أغلبُ قريباتي تزوَّجْنَ أو خُطِبْنَ، وكثيرًا ما يحضر هو مناسبتهنَّ ويكون فرحًا، وإذا ما حاولتُ أن أكلمه لا يحب المناقشة، ولا يتغير، ولا يُغَيِّر قناعاته، أرجو أن ترشدوني إلى طريقة أقنع بها والدي.

     

    الشاب جيد الأخلاق وأنا أريده، وأتحدث معه، وكلامنا محدودٌ جدًّا لا يتعدى السؤال والاطمئنان، وبيني وبينه علاقة حبٍّ، ووالدي يرفُض، وأخشى أن يبعد عني هذا الشابُّ.

     

    أرجوكم أنا في أمَسِّ الحاجةِ لتوجيهكم

     

    فليس لي من يوجهني

    الجواب

     

    الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله.

    أما بعدُ:

    ففي مِثْلِ هذه القضايا وحين البحث عنِ الحلِّ لها، يجب أن يعمق لدينا اعتقادُ الإيمان بالقضاء والقدر؛ حيث لا أحد مِن البشر يملك مِن أمورنا شيئًا، بل إن الأمر كله لله.

     

    قال - عليه الصلاة والسلام - في وصيته لابن عباس حين كان رديفه على الدابة: ((واعلمْ أن الأمة لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيء، لن ينفعوك إلا بشيءٍ قد كَتَبَهُ الله لك، ولو اجتمعتْ على أن يَضُرُّوك بشيءٍ لن يَضُروك إلا بشيءٍ قد كَتَبَهُ الله عليك)).

     

    أختي الكريمة، يَحْسُن بك أن تُحسني الظن بوالدك؛ حيث من طبيعة الوالدين الشفَقة على أبنائهم، والحرص على مستقبلهم، فقد يكون يريد لك الأفضل، وليس كما تظنين أنه بسبب الراتب، وحتى وإن كان، فقد يكون مَعذورًا بسبب الضَّعْفِ المادي الذي تعيشه الأسرة، وكما فهمت فأنتِ مصدرُ إعالة لهم.

     

    والدُك يحتاج إلى أن تخاطبيه بلهجةٍ مُؤدَّبةٍ في حال تقدم أي شخص لخطبتك، وإقناعه بأسلوب هادئ، وإشعاره بالاحترام والتقدير، وأنه لن يكون إلا ما يحب ويريد، فلعلك بهذا الأدب تخجلينه، فيشعر بتأنيب الضمير، ويَتَراجَع عن رفضه وإصراره على ذلك.

     

    ويمكنك أيضًا أن تُشعريه بأنك لن تتخلي عنهم حتى بعد الزواج، فلعل هذا يُشعره بالاطمئنان والراحة.

     

    ولا مانع مِن الاستعانة - بعد الله - بأحد أفراد العائلة، ممن يعتدُّ برأيه، وله مكانته الخاصة عند الوالد.

     

    وما دمتِ الآن في عمر الخامسة والعشرين، فلا يزال أمامك مُتَّسَعٌ مِن العمر بإذن الله، لكن على افتراض بُلُوغك سنًّا متأخرةً مع استمرار والدك في الرفض، فهنا الأمر سيختلف حيث يحقُّ لك أن تحاكمي والدك، فيتم تزويجك بولاية شخصٍ آخر من أفراد العائلة، لكن نرجو ألا تصل الأمور إلى هذه المرحلة الحَرِجة إن شاء الله.

     

    اجتهدي في الدُّعاء أن يُسَخِّر اللهُ والدك، وأن يُيَسِّرَ زواجك، وأن يصرفَ عنك الشرور، فقد يكون رفْضُ والدك مِن الخير الذي يكرهه الإنسان؛ قال تعالى: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].

     

    أما ما ذكرتِ مِن أمر علاقتك بالخاطب، وتواصلك معه، فهذا مما لا يُجيزه الشرعُ؛ حيث إنه رجل أجنبي، ويخشى عليك مِن مَغبة ذلك، فأوصيك بتقوى الله؛ فهي كافية أن تكونَ سببًا في تفريج همك، وتيسير أمرك؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3].

     

    أسأل الله لك الهداية والتوفيقَ والتيسيرَ والتسخير

     

    إنه وليُّ ذلك والقادرُ عليه


     

    فتاوى