الأربعاء 24 أبريل 2024 03:34 مـ 15 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    مقالات

    الفصل بين القرآن والسنة

    رابطة علماء أهل السنة

    الفصل بين القرآن والسنة

     

    جاءت الحملة الضارية علي السنة النبوية الشريفة كجزء من خطة واسعة وقديمة من مخطط التغريب  , والغزو الفكري الواسع المركز الذى عمل علي استهداف السيرة النبوية المتمثلة في السنة وكذلك القرآن الكريم وهو ما تتمثل فيه الشريعة الاسلامية بشقيها الرئيسيين والذين لايمكن الفصل بينهما او العمل بأحدهما دون الاخر .

    وهذا ما كشفت عنه مخططات مراكز التنصير – التبشير – والاستشراق التي انتشرت في كثير من الدول الاوربية تحت رعاية   -  توجيه -  ودعم حكومي  او كنسي مباشر منذ اكثر من قرابة ثلاث قرون متعاقبة تمثلت فى ارسال البعثات التنصيرية – التبشيرية – الي كافة اصقاع البلاد الاسلامية, وكذلك الرحالة , والمستكشفين الذين يقومون بجمع المعلومات , وارسالها الي بلدانهم ظاهرها الاكتشاف الجغرافي , وباطنها البحث عن الثروات ,وطرق التجارة للاستيلاء علي أراضي ومقدرات بلاد الإسلام ومحاولة التأثير علي أبناء المسلمين وخاصة فى الاصقاع النائية والفقيرة . لترك دينهم والدخول في الديانة المسيحية.

    جُند لهذا الغرض عدد ضخم من خصوم الاسلام  من اتباع مدارس الإرساليات التنصيرية ممن اُعدوا وجهزوا من قِبل دُعاة التغريب فى محاولة مستميتة رصدت لها الاموال الضخمة لتدمير حواضن ومنابع الفكر الاسلامي وخاصة في مجلات العقائد والمفاهيم والقيم الاساسية التي تقوم عليها المجتمعات الاسلامية .

    يقول الدكتور مصطفي السباعي رحمه الله عن  الهدف والوسيلة  من تجنيد هؤلاء المستشرقين وكيفية اختراقهم لبعض العقول لمن ينتسبون للإسلام – لتسميم هذا المنبع الروحي , فنصبوا الفخ باسم البحث العلمي والتفكير الحر , وجاء نفر فوقعوا في الفخ وراحوا يروجون بضاعة الغزاة إما عن جهل بحقيقة التراث الاسلامي . أو عن انخداع بالأسلوب العلمي . وإما رغبة في الظهور بمظهر التحرر العقلي , وشجاعة الرأي , وإما عن انحراف عقدي , وتشوه فكري , وغياب نور البصيرة , وإتباعاً لهوي النفس الأمارة بالسوء ..!

    وهذه المشروع التغريبي الممنهج كانت له جذوته التاريخية وهو ليس بالجديد فقد كتب المؤرخون المسلمون  عن الحملة علي السنة مع بداية التاريخ الإسلامي تولي امرها من عرفوا بالشعوبيون ومن تمسكوا بدياناتهم المجوسية والماسونية وغيرها من العقائد والديانات التي كانت سائدة في بعض الشعوب قبل الاسلام وظلوا متمسكين بها بصورة او بأخرى – بقوا علي دينهم لان الإسلام لا يُكره احدا علي الدخول فيه أو أعلنوا الدخول في الاسلام في ظاهرهم وهم يبطنون الكيد له من داخله – بهدف هدم الاسلام الصحيح الجامع بين الكتاب والسنة في علاقة تربط نصوص القرآن من رب العالمين الذى نزل به الروح الامين علي قلب خير المرسلين , وبين نصوص السنة النبوية الشريفة بصورها القولية والفعلية والتقريرية .

    دأب في العقود الاخيرة أقوام ممكن ان نطلق عليهم انهم سلالة وامتداد للتوجهات الي ذكرنا سابقاً ,  وهم  يعتبرون انفسه تلاميذ مدرسة التحرر العقلي وشجاعة الرأي الى توجيه الاتهامات لمصادر السنة ورجالها دون ان يكون لهم ادنى معرفة بعلم الاسناد ولا علم الجرح والتعديل وعلم الرجال بل ان احدهم لا يعرف ان يميز بين مصطلح السند ومصطلح المتن فهم كمن يلج اعماق البحار وهو يغرق في شبر من الماء , ولا بضاعة لهم الا ما يرددونه من كلام اساتذتهم من مدرسة الاستشراق ويحذون حذوهم حذو القذة بالقذة حتي صدق عليهم وصف احد العلماء المعاصرين – عبيد الغرب – فأبرز مقالاتهم هي الاعتماد على كتب النوادر , والمحاضرات , والقصص والحكايات دون الرجوع الي المصادر المعتمدة عند أهل الاختصاص ولها من المصداقية والصدقية في التوثيق وتعتبر عمدة في مجالها .

    بل نجد ان اغلب الذين حملوا لواء الشبهات حول السنة والحديث النبوي من ابناء المسلمين المعاصرين   كان جل اعتمادهم علي ما كتبه المستشرقون ولم يكلفوا انفسهم عناء البحث من المصادر العربية الاصلية المعتمدة في علوم السنة والقرآن الكريم وكان للمستشرق –جولدسهير-  وكتابه (العقيدة والشريعة الاسلامية )  التأثير الكبير علي هؤلاء المقلدين دون بصيرة . فكانت كتاباتهم عبارة عن ترديد لدعوات الشبهات حول السنة النبوية والدعوة الي الاكتفاء بالنص القرآني  فقط , والاستغناء عن السنة الشريفة ؛  وكأن النبي صلى الله عليه وسلم  أوتي الكتاب ولم يؤتي مثله معه ؟ وهذه الدعوة تنطوي علي خطورة كبيرة بإبعاد السنة عن حياة المسلمين والاكتفاء بالنص القرآني , وهذا الامر لا يستقيم . لأن السنة هي التطبيق العملي للقرآن الكريم والشارح لآياته والمبين لمحكمه ومتشابهة  وخاصه وعامه وناسخه ومنسوخه والواجب والمستحب و.....الخ .

    والقرآن  ينص علي ضرورة اتباع السنة  , منها قوله تعالي ( ونزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ) وغيرها من النصوص الصريحة التي تلزم المُتبع المُقتنع  بالعمل بالسنة والسير علي نهجها والالتزام بأوامرها وتجنب نواهيها  , وتُرك الشبهات واصحابها  , وتلجم المعارض الذى لا  دليل معه , ولابرهان ؛  بل عن انحرف عقدي أو تشوه فكرى أو اتباعا لهوى النفس . إن السنة الشريفة هي المصدر الثاني للإسلام بعد القرآن باعتباره عقيدة , وباعتباره تشريعا وباعتباره أخلاقا وهو ما أخبرنا به نحن أبناء الاسلام نبينا محمد صلي الله عليه وسلم في قوله ( ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه ) .

    القرآن السنة فصل

    مقالات