فتيان صنعوا التاريخ - 5 - معاذ بن عمرو بن الجموح
رابطة علماء أهل السنةأبطال لا نعرفهم، فتيان عظماء شاركوا في إثراء الحياة الإنسانية لا نعرف عنهم بالكاد إلا أسماءهم، نحاول معا كشف اللثام عنهم، لنرفع القدوة لشبابنا كي لا تخدعهم أكذوبة المراهقة وصغر السن.
(5) معاذ بن عمرو بن الجموح
13 سنة
قاتل أبي جهل
يقول سيدنا عبدالرحمن بن عوف: بينما أنا واقفٌ بيْنَ الصَّفِ يومَ بدرٍ نظَرْتُ عن يميني وعن شِمالي فإذا أنا بيْنَ غلامينِ مِن الأنصارِ فبينما أنا كذلك إذ غمَزني أحدُهما فقال: أيْ عمِّ هل تعرِفُ أبا جهلِ بنَ هشامٍ ؟ فقُلْتُ: نَعم وما حاجتُك إليه يا ابنَ أخي ؟ فقال: أُخبِرْتُ أنَّه يسُبُّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والَّذي نفسي بيدِه لو رأَيْتُه لا يُفارِقُ سوادي سوادَه حتَّى يموتَ الأعجَلُ منَّا قال: فأعجَبني قولُه، قال: فغمَزني الآخَرُ وقال مثلَها فلم أنشَبْ أنْ رأَيْتُ أبا جهلٍ يجولُ بيْنَ النَّاسِ فقُلْتُ لهما: هذا صاحبُكما الَّذي تَسَلاني عنه فابتدراه فضرَباه بسيفَيْهما فقتَلاه ثمَّ أتَيا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأخبَراه بما صنَعا فقال: ( أيُّكما قتَله ؟ ) فقال كلُّ واحدٍ منهما أنا قتَلْتُه فقال: ( هل مسَحْتُما سيفَيْكما ؟ ) قُلْنا: لا، قال: فنظَر في السَّيفينِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( كلاكما قتَله ) ثمَّ قضى بسلَبِه لمُعاذِ بنِ عمرِو بنِ الجَموحِ قال: والرَّجلانِ مُعاذُ بنُ عمرِو بنِ الجموحِ ومُعاذُ بنُ عفراءَ.
ويروي هو بنفسه، فيما رواه الامام أحمد، والبيهقي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- وابن إسحاق عن معاذ بن عمرو، والبيهقي عن ابن عقبة، والبيهقي عن ابن إسحاق : قال معاذ : سمعت القوم وأبا جهل في مثل الحرجة وهم يقولون : أبو الحكم لا يُخلص إليه، فلما سمعتها جعلته من شأني فعمدت نحوه، فلما أمكنني حملت عليه، فضربته ضربة أظنت قدمه بنصف ساقه، فوالله ما شبهتها حتى طاحت إلا بالنواة تطيح من تحت مرضخة النوى، حين يضرب بها، قال : وضربني ابنه عكرمة -وأسلم بعد ذلك- على عاتقي فطرح يدي بجلدة من جنبي وأجهضني القتال عنه، فلقد قاتلت عامة يومي هذا، وإني لاسحبها خلفي، فلما آذتني وضعت قدمي عليها، ثم تمطيت بها عليها حتى طرحتها.
ثم شهد بعد ذلك المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم، حتى توفاه الله في زمن خلافة سيدنا عثمان.
وما نريد قوله هنا، لم يمنع السن الصغير " 13سنة " هذا الفتى من أن يدافع عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، بل ويكون هو قاتل رأس الكفر " أبي جهل ".
ولم يمنعه من الجهاد أنه أصيب، بل صار يجر يده ويستمر في الجهاد، فلما أعاقته يده وضع رجله عليها لينزعها ويستمر في الجهاد.
فاللهم احفظ شباب أمتنا، ليكونوا كأجدادهم الذين حملوا راية الإسلام لم يمنعهم عن ذلك منصب ولا مال ولا خوف، وأخرج من بينهم كأمثال معاذ والزبير وطلحة وذوالبجادين والأرقم.