خطاب “بايدن”.. انتفاضة الضباع
الدكتور عطية عدلان - عضو رابطة علماء أهل السنّة ومديرر مركز محكمات للبحوث والدراسات رابطة علماء أهل السنة(نقولها بوضوح: سنقف جنبًا إلى جنب مع إسرائيل … لقد حركنا حاملات الطائرات إلى منطقة الشرق الأوسط … نحن الآن نتواصل مع فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة للنظر في المسألة …” بهذه الكلمات المفعمة بالصراحة الوقاحة خرج العجوز الممتلئ عداوة للإنسانية “بايدن” على العالم الإسلاميّ مهددًا ومتوعدًا، ومنتفشًا بما لديه من قوة وما حوله من أحلاف.
وليس بعيدًا عليه وعلى حلفه أن يأتوا بحدهم وحديدهم وقضهم وقضيضهم، وأن ينقضّوا كالضباع الجائعة على غزة؛ لا لشيء إلا لأنَّها شاءت أن تحيا عزيزة بجهادها في سبيل الله، فليأتوا – إذَنْ – وليرتكبوا مزيدًا من الحماقات؛ فلعلها تكون الهجمة الأخيرة، أم إنّهم نسوا خروجهم من قبل من أفغانستان والسوط على ظهورهم وأدبارهم؟!
يا أيها العجوز الخرف: أتكون المقاومة إرهابية ويكون المحتلّ الغاشم مدنيًّا بريئًا؟! أيّ عين عوراء تلك التي تنظر بها إلى الواقع؟! وبأيّ ميزان طائش تزن الأوضاع؟! أأنت الذي يتحدث عن الإنسانية؟! أمثلك يقف ناعيًا حقوق الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء؟! أنسيت أنّك وأجهزة دولتك الزنيمة مَنْ صنع مأساة الشعب الأوكرانيّ؟!
إذا كنت قد نسيت فإنّ الخلائق أجمعين بما فيهم العجوز في كهفها والعذراء في خدرها لا يغيب عنهم أنّك مَنْ صنع هذه المأساة، ووضع البشرية على حافّة الخطر الكبير، أنت مَنْ استغل حماقة غرّ صهيونيّ إلى النخاع يدعى “زيلينسكي” ودبّ أحمق غشوم متسلط يدعى “بوتن” لتسقط روسيا وأوربا ومعهم كافّة الخلق في مستنقع حرب قذرة شَطْرُها بالحماقة والآخر بالوكالة؛ ليهلك الأطفال والنساء والمدنيون العزل تحت أنقاض بيوتهم، من أجل إطالة أمد الهيمنة الأمريكية.
إذا كنت يا عدو الله لا تعلم فتعال نعلمك، تعلم أنّ المحتل لا يكون مدنيًّا معصوم الدم والمال حتى يكون اللص صاحبًا للدار مصون العرض مهاب الجناب، كيف تصف قومًا تركوا بلادهم وهجروا ديارهم وجاءوا من كل حدب وصوب ليستوطنوا في أرض سبق لجيشهم الصهيونيّ أن أخلاها لهم بالقوة وهجر بالعسف أهلها؛ كيف تصفهم بأنّهم مدنيون أبرياء؟! ومن الأرهابيّ الذي يُخشى منه على مستقبل الإنسانية؟
أهم رجال المقاومة الذين يدافعون عن أرضهم وبلادهم ومقدساتهم أم أنتم أيها الأوغاد المعتدون؟ كيف نسيتم المآسي التي خلفتموها في فيتنام وهيروشيما ونجا زاكي، ثم في العراق وأفغانستان وسوريا، أين ذهبت أمّة من البشر كانت تسكن قبلكم القارة الأمريكية؟ انمحت من الوجود بأطفالها ونسائها وما اقتنت من أنعام أبرأ من وجوهكم الكالحة، أم إنكم نسيتم ما أحدثه جهاز استخباراتكم في طول وعرض المخروط الجنوبي المتاخم لكم ليهلك ملايين الخلق من أجل مصالح مترفيكم؟
لسنا إرهابيين وإنّما الإرهابيّ هو أنتم، أنتم من يمارس إرهاب الدولة وإرهاب النظام الدوليّ ضد الشعوب المستضعفة والأمم المبتلاة بقسوتكم وجلافتكم، لقد نجحتم في تسخير العلم لتخريب الكوكب الأرضيّ، وكما قال مفكرون أحرار من جلدتكم: “إنّ لآلئ العلم لم تُلْقَ إلا إلى الحلاليف؛ فإذا بالحروب والخراب يحلّ بالخلق في كل مكان”، من تصمهم بالإرهاب هم الذين قال الله فيهم: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).
وصدق الله وكذب فوك النجس، هم الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، قَالَ: “فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا، فَيَقُولُ: لَا، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ)، وصدق رسول الله وكذب عدو الله.
وبدلًا من دعوته دول المنطقة أن تسعى لتهدئة الأوضاع والضغط على الطرفين راح يحذر ويهدد أي طرف يحاول الاستفادة من الوضع بمساندة غزة، أي أنّه يمهد لافتراسها والتهامها، هذه هي السياسة والدبلوماسية، حقًا: (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) (آل عمران: 118).
إنّ على المسلمين أن يعلموا قبل كل أحد أنّ المقاومة الفلسطينية بكافّة فصائلها تمارس الجهاد الإسلاميّ النظيف في أرقى صوره، وأنّ أخذها للرهائن ليس من قبيل الإرهاب ولا من قبيل الانحطاط الإنسانيّ؛ فليس لمستوطن حرمةٌ في دم أو مال، وكيف تكون له حرمة وهو غاصب محتل، فَلْيَعُدْ إلى بلده التي جاء منها ليستحقّ منّا الصيانة لعرضه ودمه وماله، ولْتَكُفّ دولته عن التوسع في الاستيطان وفي تهجير أهل الأرض وسكان الديار من أرضهم وديارهم، ولْيَنْتَهِ الصهاينة عن اقتحامهم للمسجد الأقصى وتدنيسهم له، ولْيُخرجوا من رؤوسهم هواجس التقسيم المكاني والزماني لبيت المقدس، ولْيُخرجوا المعتقلين الذين سجنوهم ظلمًا وعدوانًا لا لشيء إلا لدفاعهم عن أرضهم ومقدساتهم وديارهم، عليهم أن يفعلوا ذلك كلَّه قبل أن نفكر: أَلَهم شرعية وجود أصلًا في هذه الأراضي أم إنّهم محتلون مغتصبون؟ أكان لهم الحق من حيث الأصل في إنشاء دولة لهم في ديار الإسلام أم إنّها المؤامرة الكبرى على أمتنا؟
ليس لصهيونيّ يقيم على أرض فلسطين حرمة لا داخل فلسطين المحتلة ولا خارجها، ولا يصح أن يُعْطَى الأمان لمحتل غاصب، والأمان الذي يُعطي لحربيّ دَخَلَ ديار الإسلام مُدَّةً معينةً إنّما يعطى له وهو غير متلبس بالعدوان على بلاد الإسلام، أمّا مع تلبسه بالعدوان فلا أمان، ومن هنا لا يصح التثريب على الشرطيّ المصريّ الذي تفاعل مع مصاب إخوانه في غزة وفلسطين وقتل السائحين الإسرائيليين، لا تثريب عليه؛ إذْ لا أمان لمحتل غاصب متلبس بالعداوة لأهل الإسلام، إنما الأمان يُعطي لكافر – ولو كان حربيًّا – لا يقوم أثناء إعطائه الأمان بعدوان على الإسلام وأهله، وهذا الحكم مبنيٌّ على عدم اعترافنا بحدود سايكس بيكو، فبلاد الإسلام بلد واحد، والعدوان على جزء من أرض الإسلام عدوان على الجميع، أمّا الحديث عن مدى شرعية من يعطون الأمان الآن فأمر يطول شرحه .
فيا أهل الإسلام لا تَغُرَّنَّكم الأنظمة المنعدمة المنهدمة، ولا يغرنكم الإعلام الرديء الذي يمارس التضليل، وقفوا مع إخوانكم، بالدعاء والتبرع بالمال، ومن استطاع أن يلحق بركب المجاهدين هناك ووجد لذلك سبيلا – وقريبًا سيكون إن شاء الله – فليفعل ولا يصدُّه عن ذلك صادٌّ، والله غالب على أمره.