التطبيع مع الكيان الصهيوني
الشيخ نجوغو بن مبكي صمب السنغالي رابطة علماء أهل السنةالتطبيع مع الكيان الصهيوني
لا يعدم الاحتلال وسيلة للبقاء جاثما على الأرض الفلسطينية، فيما لا يتورع بعض الفلسطينيين والعرب بإعطاءه ترياق الحياة والبقاء عبر لقاءات تطبيعية وعلاقات مريحة، غير آبهين بالأرض المسلوبة والدم النازف.
من خلال استعراض مراحل الصراع العربي الصهيوني نجد أن سياسة الكيان الصهيوني نحو الحرب أو نحو السلام تركزت أساساً على التطبيع، باعتبار أنه الضمان الرئيسي والأساسي لبقاء "إسرائيل" في المنطقة، لقد أرادت الحكومات الصهيونية إقامة علاقات اعتيادية مع العرب والفلسطينيين بحيث يقبلونها على أنها جزء من المنطقة ولا يضعان وجودها أو حقها فيه موضع تساؤل.
تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" لا ينطوي على مجرد إقامة علاقات اعتيادية معها كما هي العلاقات بين دول العالم غير المتنازعة، وإنما يدخل في عمق الذات العربية والإسلامية وله انعكاسات ذاتية وجماعية ذات صبغة حضارية وتاريخية.
مفهوم التطبيع
يمكن تعريف التطبيع على أنه ممارسة سياسات (على مستوى الحكومات) أو أفعال (على مستوى الأفراد والجماعات) للتعامل مع "اسرائيل" أو الإسرائيليين، على أنهم جزء طبيعي في الوطن العربي، وتجاهل ممارسات الحكومة الإسرائيلية والإسرائيليين في إبادة وتشريد الفلسطينيين.
ويسعى "التطبيع" إلى إنشاء علاقات مع "إسرائيل" و تجاوز الجرائم بحق الفلسطينيين من غير تحميلهم أية مسؤولية.
كما أن حجج التطبيع عند المطبّعين منقسمة إلى نوعين: صريحٌ وخفي، فالمطبّعون الصريحون ينادون بضرورة إنشاء علاقات بين الحكومات العربية و"إسرائيل" من أجل أهداف استراتيجية، وأما المستترون فمع زعمهم معارضة السياسات "الإسرائيلية"، إلا أنهم يرون أن زيارة الأراضي الفلسطينية لا تعتبر عملًا تطبيعياً.
تطبيع رسمي وغير رسمي
لقد فتحت اتفاقيات أوسلو الباب واسعاً أمام عمليات تطبيع متعددة الأوجه، منها التطبيع الرسمي بين السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية ودوائرها السياسية والاقتصادية وغيرها، وأجهزة العدو المختلفة، التي تتم مباشرة بين العدو والسلطة، أو تحت إشراف المجتمع الدولي ودوله، ومنها التطبيع غير الرسمي الذي يتم من خلال مؤسسات إعلامية واقتصادية وثقافية خاصة الأوروبية.
حيث يلتقي فلسطينيون بـ"زملاءهم" الصهاينة، من أجل البحث عن "التعايش" بين المحتل والضحية، وثمة عمليات تطبيع أخرى، يقوم بها أفراد أو مؤسسات خاصة، تقيم علاقات "صداقة" ليس فقط مع المستوطنين في الداخل المحتل عام 1948، بل مع المستوطنين في الضفة الغربية والقدس، في مجالات عدة، الاقتصادية (توزيع منتوجات المستوطنات)، والرياضية والثقافية (المشاركة في المباريات "الإسرائيلية"، أو المعارض الفنية "المشتركة")، والإعلامية.
سياسة التطبيع وفق شروط الواقع الراهن تقوم على:
• الاعتراف بالحقائق التي فرضها الاحتلال عبر السنوات الطويلة وتشريعها وكأنها أصبحت مكتسبات له وبالتالي هي خارج النقاش، وبالتالي إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل بدون شروط سياسية مسبقة.
• توقيع الاتفاقيات، حتى لو كانت مرحلية، يعني انتهاء الصراع والعداء وبالتالي ضرورة بناء العلاقات الطبيعية مع إسرائيل مثلها مثل أي دولة طبيعية في العالم.
• بناء علاقات طبيعية مع الاحتلال الإسرائيلي سيساعد بل هو شرط ضروري لتعزيز العملية السلمية.