استحقاق الاستخدام
الأستاذ الدكتور جمال عبد الستار رئيس الجامعة العالمية للتجديد والأمين العام لرابطة علماء أهل السنة رابطة علماء أهل السنةلا بد أن نؤكد بداية أن نصر الحق عقيدة راسخة لا تتغير، ودحض الباطل يقين كامل لايتزعزع، وأن الأمة مهما أنهكتها الجراح لن ينطفىء نورها، ولن ينقطع خيرها، وستظل دائرة مع الإسلام حيث دار، وأنها رغم كل آلام الانكسار فإنها قطعًا تتأهب لانتصار، وما على الأمة إلا أن تؤهل نفسها لاستحقاقه، وكما جاء في الحيث: "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ "، قِيلَ: وَمَا اسْتَعْمَلَهُ؟ قَالَ: " يُفْتَحُ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِهِ حَتَّى يَرْضَى عَنْهُ مَنْ حَوْلَهُ ،" فواجب أبنائها اليوم أن يتأهل كل فرد منهم لاستحقاق الاستعمال، ويعد نفسه للاستخدام، ويتخلص من تلك العلائق التي يربط بها نفسه، ويعلق بها قلبه، ويبرر بها تفريطه وتخاذله، فحساب الله تعالى للبشر موقوف على فعلهم، ومرهون بصنيعهم .
لذا ففي هذه المرحلة التي ازداد فيها الفرز، وحمي فيها الوطيس، واشتدت فيها المحنة، لاينبغي لأحد أن يلتفت حوله، ولكن عليه أن يؤهل نفسه لهذا الاستحقاق، في معركة محسومة نتائجها، مضمونة عواقبها ، لمن أعد لها بما استطاع عدتها، وتأهب ليكون يوم اللقاء حسامها، ويوم النصر حامل لوائها.
واستحقاق الاستخدام يتمثل في التأهب النفسي لصلاحية الاستعمال، فالدفاع عن الإسلام منحة من الله لمن أحبهم، والوقوف في خندق الحق مقام ليس كل النفوس تُكرم به، "وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم".
ويتمثل هذا التأهب في علاقة خاصة بالله تعالى تثمر سداداً في الرأي، وصوابية في المنطق، وقوة في التأثير، ووفرة في التوفيق.
فإن لم يكن قد أعد من نفسه عدتها فماذا عساه أن يجد إلا الحرمان من شرف الاستعمال، قال تعالى : "وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ". (سورة التوبة).