العدوان الصهيوني على قطر .. قلق مصري تركي من الضربة التالية


أثار العدوان الصهيوني الذي استهدف مبنى سكنيا في العاصمة القطرية الدوحة، الثلاثاء، جدلا واسعا في الأوساط الإقليمية والدولية، حيث أصبح من الواضح أن نتنياهو يسعى لنسف أي محاولات للمفاوضات، وأن الوسطاء سيكونوا مستهدفين بالقصف، وأنه ليس هناك خطوطا حمراء فالكيان الصهيوني يعربد في المنطقة كيفما شاء بدعم أمريكي مطلق.
كما أن هذا القصف يوجه رسالة إلى كل من مصر وتركيا كوسيطين رئيسيين في مسار المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس.
لا خطوط حمراء
وقالت صحيفة واشنطن بوست إن إسرائيل لم تعد تعترف بأي خطوط حمراء أو قيود جغرافية في عملياتها. ونقلت عن الباحث الزائر في جامعة جورج تاون الأميركية والمتخصص في الشأن الفلسطيني، خالد الجندي، قوله: "من الواضح أنه لا توجد محرمات ولا مناطق محصنة. إسرائيل ستضرب أينما كان، مع استثناءات محدودة." وأضاف: "لو كنت في القاهرة، سأكون قلقا للغاية."
وأوضح الجندي ، بحسب الصحيفة، أن قطر ومصر، رغم كونهما حليفين عربيين للولايات المتحدة ويتمتعان بتاريخ طويل من العلاقات مع إسرائيل، لم يشفع لهما ذلك أمام استهداف الدوحة. وقال: "إذا كان يمكن ضرب قطر، فمصر يمكن أن تضرب أيضا."
كما نقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤول مصري سابق لم تسمه قوله إن قيادات من الصف الثاني في حماس لا تزال موجودة في القاهرة، لكنها تخضع لإجراءات أمنية مشددة "لمنع أي سيناريو مشابه داخل الأراضي المصرية، وهو ما سيكون كارثة سياسية وأمنية إن حدث" على حد وصفه.
وأشارت أسوشيتد برس إلى أن الضربة تمثل تهديدا مباشرا لمكانة قطر كوسيط محوري في مباحثات وقف إطلاق النار، معتبرة أن العملية قد تقوض المساعي الأميركية الأخيرة الرامية إلى التوصل إلى اتفاق يتضمن تبادلا للأسرى وانسحابا تدريجيا للقوات الإسرائيلية من غزة. وأكدت الوكالة أن الخطوة الإسرائيلية "توسع الحرب بشكل مدمر وتهدد المفاوضات الهشة."
كما أن تركيا، التي تستضيف بعض القيادات السياسية للحركة أو تستقبل وفودها بشكل متكرر، تبدو بدورها أمام معضلة أمنية ودبلوماسية. فالضربة الإسرائيلية في قطر أظهرت أن وجود قادة حماس في دولة حليفة لواشنطن لا يشكل ضمانة لعدم استهدافهم. وهذا يعزز المخاوف من أن أنقرة قد تجد نفسها في مواجهة ضغوط إضافية لحماية ضيوفها أو إعادة النظر في علاقتها بالحركة.
في وقت سابق الثلاثاء، أعلنت قطر أن إسرائيل شنت "هجوما جبانا استهدف مقرات سكنية لعدد من أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس بالدوحة"، مشيرة إلى أنها بدأت تحقيقا ولن تتهاون مع هذا السلوك الإسرائيلي المتهور.
وقبل ساعات، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه هاجم بواسطة سلاح الجو "قيادة حركة حماس" في الدوحة بالتعاون مع جهاز "الشاباك". وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت 64 ألفا و605 قتلى، و163 ألفا و319 جريحا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 399 فلسطينيا بينهم 140 طفلا.
حماس تحمل ترامب المسؤولية
وحملت حركة المقاومة الإسلامية حماس في أول تعليق لها، الثلاثاء، إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المسؤولية عن العدوان الإسرائيلي الذي استهدف قيادة الحركة في العاصمة القطرية الدوحة. وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس سهيل الهندي إنّ "القصف وقع خلال اجتماع للفريق المفاوض، لبحث المقترح الأمريكي"، مشددا على أن "دماء قيادات الحركة مثل دم أي فلسطيني".
وتابع الهندي في تصريحات لقناة "الجزيرة": "قيادة الحركة نجت من محاولة الاغتيال الجبانة"، مضيفا أنّ "العدوان أسفر عن مجموعة من الشهداء، وعلى رأسهم جهاد لبد وهمام خليل الحية". وذكر أن "القصف الإسرائيلي استهدف كل إنسان حر في هذا العالم، والحركة أعطت إشارات إيجابية بشأن المقترح الأمريكي، ونحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية هذا الاعتداء، والمطلوب من العالم الحر أن يقول كلمته".
تزامنا مع العدوان الإسرائيلي على قطر، ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 1%، وسط قلق الأسواق من أن امتداد الضربات إلى قطر - ثالث أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال عالميا - قد يهدد استقرار إمدادات الطاقة العالمية. ويرى محللون أن الضربة ستزيد من حساسية الأسواق تجاه أي تطورات عسكرية جديدة في منطقة الخليج.
ووفقا لرويترز، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 1.18 دولار، بما يعادل 1.8 بالمئة، إلى 67.20 دولار للبرميل بحلول الساعة 1033 بتوقيت شرق الولايات المتحدة، في حين زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.14 دولار، أو 1.8 بالمئة، إلى 63.40 دولار للبرميل.
وتكشف الضربة الإسرائيلية في الدوحة عن تحول نوعي في قواعد الاشتباك، إذ لم تعد الدول الوسيطة بمنأى عن دائرة النار. ويضع هذا التطور كلا من القاهرة وأنقرة أمام تحديات أمنية وسياسية مضاعفة، حماية وفود حماس من جهة، والحفاظ على موقعهما كوسطاء مقبولين دوليا من جهة أخرى. وفي الوقت نفسه، يهدد استقرار أسواق الطاقة ويزيد من احتمالات انزلاق المنطقة إلى تصعيد أوسع.