فرنسا.. ماكرون يتعهد بتشديد الحملة على الجمعيات الإسلامية وأردوغان يهاجم ”المنزعجين من الإسلام”
رابطة علماء أهل السنةتعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتشديد الحملة على ما يصفه بالتطرف الإسلامي في بلاده، وأعلن حل جمعية إسلامية وإغلاق مسجد قرب باريس، ردا على مقتل أستاذ فرنسي عرض صورا مسيئة للنبي عليه السلام، في حين هاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ماكرون ومن وصفهم بالمنزعجين من الإسلام.
فقد أعلن ماكرون أمس حل "تجمع الشيخ أحمد ياسين" المعروف بنشاطه من أجل القضية الفلسطينية، والذي قال إنه ضالع بصفة مباشرة في عملية قتل المدرس صامويل باتي (47 عاما) على يد لاجئ شيشاني يوم الجمعة الماضي في ضاحية كونفلان سانت أونورين، على بعد 40 كيلومترا شمال غرب باريس.
كما أعلن إغلاق مسجد في ضاحية بانتان (شمال شرق باريس) بتهمة التحريض ضد المدرس باتي، وسيعلن رسميا حل الجمعية وإغلاق المسجد اليوم.
وقالت السلطات الفرنسية إن إمام المسجد شارك مقطع فيديو تضمن تنديدا بحصة الأستاذ حول حرية التعبير، لكن الإمام قال إنه لم ينشر الفيديو تأييدا للشكوى المتعلقة بعرض الرسوم المسيئة للنبي الكريم، وإنما لقلقه إزاء الإشارة إلى التلاميذ المسلمين في الصف التي تثير الخوف من موجة تمييز بحق المسلمين.
ووفق إخطار علقته السلطات، سيغلق المسجد بداية من اليوم ولمدة 6 أشهر، ويواجه كل من يخرق قرار الإغلاق عقوبة السجن.
وفي ردها على الخطوات الفرنسية، أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن "تجمع الشيخ ياسين" ومقره فرنسا ليس له أو لرئيسه عبد الحكيم الصفريوري أي علاقة تنظيمية به.
وفي بيان لها أمس الثلاثاء، استنكرت الحركة المحاولات الإعلامية التي تسعى للزج باسمها في معركة داخلية هي ليست طرفا فيها، مؤكدة أن معركتها فقط ضد الاحتلال الإسرائيلي من أجل الحرية والاستقلال.
ماكرون مع وزير داخليته دارمانان (رويترز)
حملة واسعة
وبالإضافة إلى قراري حل الجمعية وإغلاق المسجد، أعلن ماكرون قرارات مماثلة ستصدر خلال الأيام والأسابيع المقبلة ضد جمعيات إسلامية وأفراد متهمين بالتطرف.
وقال في كلمة ألقاها أمس في ضاحية بوبينييه شمال باريس "ستكثف الإجراءات التي اتخذناها في الأيام الأخيرة عشرات التدابير الملموسة التي أطلقناها ضد الجمعيات. وكذلك فيما يتعلق بالأفراد الذين ينفذون مشروعا إسلاميا متطرفا، أي أيديولوجيا تدمير الجمهورية".
ويجري الحديث في فرنسا عن استهداف 51 جمعية إسلامية في إطار الحملة التي انطلقت عقب مقتل المدرس.
وفي حين نظمت المزيد من الوقفات المنددة بمقتل المدرس، تعهد رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس أمس بتضييق الخناق على كل الجمعيات التي يثبت تواطؤها مع "التطرف الإسلامي"، في حين تعهد وزير الداخلية جيرالد دارمانان بشن حرب على من وصفهم بأعداء الجمهورية.
وتوصلت التحقيقات إلى أن قاتل المدرس لاجئ شيشاني مولود في موسكو يدعى عبد الله أنزوروف (18 عاما)، وقد اعتقلت الشرطة الفرنسية 16 شخصا على ذمة القضية، وتم الإفراج عن 6 بينهم أفراد من عائلة المهاجم، في حين سيمثل 7 من الموقوفين أمام قاضي التحقيق المكلف بقضايا الإرهاب.
وفي تطور ذي صلة، اعتقلت الشرطة الفرنسية مساء الاثنين في مدينة تولوز 3 نساء أثناء إلصاقهن رسوما مسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم في شوارع المدينة تأكيدا على "حقهن في التجديف"، حسب تعبيرهن.
أردوغان قال إن الواقع المحزن للمسلمين يشجع من وصفهم بأعداء الإسلام على محاولة النيل منهم (وكالة الأناضول)
محاسبة الإسلام
وفي ردود الفعل على الأحداث في فرنسا، اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس الثلاثاء أن نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون يسعى لمحاسبة الإسلام والمسلمين، منددا بمن أسماهم المنزعجين من صعود الإسلام.
وخلال اجتماع نظمته رئاسة الشؤون الدينية التركية لوزراء ومسؤولين دينيين في البلدان الأعضاء والمراقِبة بمنظمة التعاون الإسلامي، قال أردوغان "ينبغي علينا كمسلمين أن نصغي لبعضنا أكثر، وأن نتبادل الأفكار في هذه الفترة المؤلمة والمليئة بالتحديات".
واعتبر أن "التعصب القومي والمذهبي والإرهاب فتن تنخر العالم الإسلامي من الداخل"، وأن المسلمين يواجهون العديد من المشاكل المعقدة، مثل الجوع والجهل والظلم والصراعات، لا سيما في اليمن وسوريا وأفغانستان وليبيا.
ورأى الرئيس التركي أن "الواقع المحزن للمسلمين يشجع الإمبرياليين وأعداء الإسلام على محاولة النيل منهم"، حيث يوظف ساسة الغرب الخطابات المعادية للإسلام للتغطية على إخفاقاتهم، حسب قوله.
كما أشار إلى أن "المنزعجين من صعود الإسلام، يهاجمون ديننا عبر الاستشهاد بالأزمات التي كانوا هم سببا في ظهورها".
ووجّه أردوغان انتقاده إلى ماكرون، معتبرا أن غاية الأخير من إطلاق مبادرة "الإسلام الفرنسي" هي محاسبة الإسلام والمسلمين.
وأكد الرئيس التركي أن نحو ألف مسلم يذهبون ضحية الإرهاب والعنف في العالم يوميا، في حين ينص الإسلام على أن "المسلم من سلِم المسلمون من لسانه ويده"، كما في الحديث الشريف.
من جهته، ندد شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب أمس بقتل المدرس الفرنسي، ووصف ذلك بأنه "فعل إرهابي أثيم".
لكن الطيب ندد في المقابل في خطاب ألقاه عن طريق تقنية الفيديو أمام رجال دين مسيحيين ويهود وبوذيين في العاصمة الإيطالية روما بالإساءة للأديان تحت شعار حرية التعبير.
وقال في هذا الإطار "أؤكد أن الإساءة للأديان والنيل من رموزها المقدسة تحت شعار حرية التعبير هو ازدواجية فكرية ودعوة صريحة للكراهية".