الأربعاء 9 أكتوبر 2024 04:42 صـ 5 ربيع آخر 1446هـ
رابطة علماء أهل السنة

    تقارير

    تجسس الحكّام على الناس .. “الإمارات نموذجاً”

    رابطة علماء أهل السنة

    التّجسّس على المسلمين في الأصل حرام منهيّ عنه، لقوله تعالى‏:‏ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)،‏ لأنّ فيه تتبّع عورات المسلمين ومعايبهم والاستكشاف عمّا ستروه‏.‏ وقد قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ «يا معشر مَنْ آمن بلسانه ولم يدخل الإيمانُ إلى قلبه لا تتبّعوا عوراتِ المسلمين‏.‏ فإنّ من تتبّعَ عوراتِ المسلمين تتبّع اللّهُ عورتَه حتّى يفضحه ولو في جوف بيته»‏.‏

    والتجسس عمل وضيع نهى الله عز وجل عنه حيث إنه يتبع العورات ويفضح أسرار الناس، وقد حرم الإسلام التجسس على المسلمين ما داموا ظاهري الاستقامة غير مجاهرين بمعاصيهم ولا يخفون شيئا يتعلق بكيد المسلمين.

    ويتأكّد ذلك في حقّ وليّ الأمر لورود نصوص خاصّة تنهي أولياء الأمور عن تتبّع عورات النّاس، منها ما رواه معاوية «أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال له‏:‏ إنّك إن اتّبعت عورات النّاس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم» فقال أبو الدّرداء‏:‏ كلمة سمعها معاوية من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نفعه اللّه بها‏.‏ وعن أبي أمامة مرفوعاً إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم «إنّ الأمير إذا ابتغى الرّيبة في النّاس أفسدهم»‏.‏

    وقد حكي أنّ عمر دخل على قوم يتعاقرون على شراب ويوقدون في أخصاص فقال‏:‏ نهيتكم عن المعاقرة فعاقرتم، ونهيتكم عن الإيقاد في الأخصاص فأوقدتم‏.‏ فقالوا‏:‏ يا أمير المؤمنين قد نهى اللّه عن التّجسّس فتجسّست، وعن الدّخول بغير إذن فدخلت‏.‏ فقال‏:‏ هاتان بهاتين وانصرف ولم يعرض لهم ‏”‏‏.‏

    إن تتبع أخبار الناس والتجسس عليهم محرم ، سواء كان في البحث عن عيوبهم أو للاطلاع على أخبارهم، لقول الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ).

    قال ابن حجر الهيتمي : ففي الآية النهي الأكيد عن البحث عن أمور الناس المستورة وتتبع عوراتهم.
    ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: “ولا تجسسوا ولا تحسسوا” رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة .
    ومن شك في أحد أنه يرتكب معصية أو يخالف الشرع، فلا يجوز له التجسس عليه بمجرد الشك، لأن الأصل أن يحمل المسلمون على البراءة من الذنوب والمخالفات حتى يتبين خلاف ذلك، وحتى لو ظهرت له قرائن أو أمارات على المعصية أو المخالفة، فلا يجوز له أيضاً التجسس، إلا إن خشي فوات حرمة أو حق.

    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله-: التجسس: طلب المعايب من الغير، أي : أن الإنسان ينظر، ويتصنت، ويتسمع، لعله يسمع شرًّا من أخيه، أو لعله ينظر سوءاً من أخيه، والذي ينبغي للإنسان أن يُعرض عن معايب الناس، وأن لا يحرص على الاطلاع عليها، ولا ينبغي للإنسان أن يتجسس، بل يأخذ الناس على ظاهرهم، ما لم يكن هناك قرينة تدل على خلاف ذلك الظاهر.

    وقال أقضى القضاة الماوردي: ليس للمحتسب أن يبحث عما لم يَظهر من المحرمات، فإن غلب على الظن استسرار قوم بها لأمارة وآثار ظهرت: فذلك ضربان:

    أحدهما: أن يكون ذلك في انتهاك حرمة يفوت استدراكها، مثل أن يخبره من يثق بصدقه أن رجلاً خلا برجل ليقتله أو بامرأة ليزني بها، فيجوز له في مثل هذا الحال أن يتجسس، ويقدم على الكشف والبحث حذراً من فوات ما لا يستدرك، وكذا لو عرف ذلك غير المحتسب من المتطوعة: جاز لهم الإقدام على الكشف والإنكار.
    الضرب الثاني: ما قصر عن هذه الرتبة، فلا يجوز التجسس عليه، ولا كشف الأستار عنه، فإن سمع أصوات الملاهي المنكرة من دار أنكرها خارج الدار: لم يهجم عليها بالدخول لأن المنكر ظاهر، وليس عليه أن يكشف عن الباطن. ” شرح النووي ” ( 2 / 26 ).

    عقاب التّجسّس على الناس

    روى مسلم عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال‏:‏ «من اطّلع في بيت قوم من غير إذنهم حلّ لهم أن يفقؤوا عينه»‏.

    وعقاب من فعل ذلك هو: الفضيحة في الدنيا والخزي في الآخرة، فقد روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإن من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته.

    الإمارات نموذج رعاية التجسس

    أما ما انتشر مؤخراً -وهو أمر معروف منذ زمن- عن قيام حكام الإمارات بزرع وسائل التجسس على الناس والتفنن في تنوّع هذه الوسائل في الفنادق وغيرها، فهذا مما يندى له الجبين، ويترفّع عن أصحاب الخُلُق الإسلامي والعربي.

    حيث قامت إمارة دبي باستخدام برنامج Pegasus بالاستعانة بمجموعة NSO، وهي شركة تكنولوجية صهيونية.

    وأيضاً هناك نظام المراقبة الشامل الذي أسسه رجل الأعمال الصهيوني كوتشافي في الإمارات معروف باسم عين الصقر Falcon Eye، حيث يقوم هذا النظام بإحكام الرقابة الصارمة والمخيفة على جميع أشكال الاتصالات في البلاد.

    ودائماً ما يقدّم ناشطون نصائح توعوية إرشادية أمنية لكل من يزور دبي، ويضطر للإقامة في أحد فنادقها، داعين الجميع لأخذ الحيطة والحذر، حيث أن ما حصل مؤخراً مع المواطن الكويتي وليد المطيري، الذي تعرّض لتهديد من قبل الصحفي الإسرائيلي إيدي كوهين، بتسريب مقطع فيديو له تم تسجيله في غرفة النوم التي كان يقيم بها في فندق بدبي، إثر عرض الأخير مقطع فيديو هتف فيه أمام عائلة إسرائيلية في مطار دبي لصالح فلسطين، مما يدل على أن إسرائيل تستخدم فنادق دبي لجمع فيديوهات لقادة ومواطنين عرب لإخضاعهم للابتزاز.

    المصدر : منتدى العلماء

    تجسس الحكّام الإمارات نموذجاً فنادق دبي ابتزاز صهيونية

    تقارير