الخميس 2 مايو 2024 03:14 مـ 23 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    قانون تطوير أم تدمير الأزهر

    رابطة علماء أهل السنة

    أرسل  قانون تنظيم الأزهر الجديد الي المجلس الأعلي للقوات المسلحة لإقراره وهو القانون الذي 
    سيلغي قانون  سنة 1960 الذي صدر في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. 
    وقبل الشروع في تقييمه  أود ان أذكر أنه بعد الثورة بدأ الجميع يتحدث عن المرجعية الإسلامية التي تحتضن جميع الطوائف الإسلامية بين جنباتها سواء كانت هذه التيارات أحزابا  أوجماعات أو إتلافات ثورية.
    وأود التأكيد في بداية حديثي على أن الأزهر الشريف جامعا وجامعة هو المرجعية الفاصلة التي نسعى لأن تفصل في أي اختلاف قادم بحكم عمق فهمه لطبائع وخصائص هذا الشعب المصري العريق الذي يعد الإسلام أهم ما في وجدانه .
    ولا خلاف أن الأزهر الشريف  يجب أن يملك قراره ويتمتع باستقلالية تعفيه من أي أعباء أو ضغوط سياسية لكي يصبح منارة للعالم الإسلامي أجمع ليس لمصر فقط لما  يتمتع به من مكانة روحية وأدبية فعلا في ضلوع وقلوب المسلمين في شتى بقاع الأرض ، إلا أنه لم يشفي صدورهم وطموحاتهم خلال العقود الماضية لأسباب نعرفها جميعا ولا مجال لذكرها هنا.
    ولكن بقراءة متأنية للقانون المقترح نجد أنه يحتوي علي عورات كثيرة كنا نأمل تلافيها لكي يعود هذا الصرح الإسلامي الشامخ غلي مكانته الطبيعية المستحقة وأود هنا أن استعرض أبرز النقاط التي يتناولها القانون المقترح.

    المادة رقم 6  تنص علي "عند خلو منصب شيخ الأزهر أن يتم اختياره  بطريق الانتخاب من بين أعضاء هيئة كبار العلماء بالأزهر وفقا للشروط التالية :

    1-أن يكون مصريا من أبوين مصريين مسلمين وألا يكون قد اكتسب جنسية أي دولة أخرى في أي وقت من الأوقات.
    2-أن يكون من خريجي إحدى الكليات الأزهرية المتخصصة في علوم أصول الدين والشريعة وأن يكون قد تدرج في تعليمه قبل الجامعي بالمعاهد الدينية الأزهرية. 
    3-أن يكون ملتزما بمنهج الأزهر علما وسلوكا وهو منهج أهل السنة والجماعة .
    وينص القانون المقترح أن تنتخب هيئة كبار العلماء من بين أعضائها ثلاث مرشحين لتولي منصب شيخ الأزهر عن طريق الاقتراع السري بشرط حضور  ثلثي عدد أعضاءها ثم تنتخب الهيئة من بين هؤلاء الثلاثة شيخ الأزهر ثم يصدر قرار من رئيس الجمهورية بتعيين شيخ الأزهر الذي تم انتخابه وتنتهي مدة ولايته ببلوغه سن ال 80 أو بالوفاة.
    ولم يذكر نص القانون المقترح أي تفاصيل عن منصب شيخ الأزهر الحالي وهل سيتركه أم لا في حين أشار إلى ان  شيخ الأزهر الحالي هو من سيقوم بتعيين  هيئة كبار العلماء التي سيكون من بعض  أدوارها ما يلي :
    - انتخاب شيخ الازهر عند خلو منصبه.
    - ترشيح مفتي الجمهورية.
    - البت في المسائل الدينية ذات الشأن الهام.
    - دراسة التطورات المهمة في مناهج الأزهر الشريف.

    وينص القانون المقترح علي ان يتم اختيار هيئة كبار العلماء وفقا للشروط التالية:

    1-ألا يقل سن عضو هيئة كبار العلماء عن 60 عاما.
    2-أن يكون معروفا بالتقوى والورع في ماضيه وحاضره.
    3-أن يكون حائزا لشهادة الدكتوراة  وبلغ درجة الأستاذية في العلوم الشرعية أو اللغوية.
    4-أن يكون قد درس في المعاهد الأزهرية وكليات جامعة الأزهر الشريف.
    5-أن يكون له بحوث ومؤلفات.
    6-أن يقدم بحثين فكريين.
    7-ألا يكون قد وقعت عليه عقوبة في حياته.
    8-أن يكون ملتزما بمنهج الازهر علما وسلوكا.
    ولشيخ الأزهر الحالي الصلاحية لاختيار أعضاء هيئة كبار العلماء من  ذوي الكفاءات ويصدر بتعينها قرارا من رئيس الجمهورية.
    وينص القانون المقترح أنه في حال خلو مقعد في هيئة كبار العلماء يتم اختيار عضوا آخر خلال ثلاثة أشهر من أعضاء هيئات التدريس أو من علماء الأزهر يرشحهم شيخ الأزهر.

    ويشير القانون المقترح الي أنه تسقط عضوية هيئة كبار العلماء في احدى الحالات الآتية:

    1-اذا صدر ضد العضو حكم في جناية أو جنحة ماسة بالشرف.
    2-اذا صدر عن العضو عمل أو قول بما لا يتلائم مع صفته كعضو في الهيئة كالطعن في 
    الإسلام أو إنكار ما علم من الدين بالضرورة. 
    وبعد استطلاع ما سبق أري أن نص القانون المقترح لا يحقق استقلالية الأزهر بالشكل الذي نطمح إليه وهو أمر غير مقبول بعد الثورة .
    لم يشر نص القانون المقترح  المرسل إلى المجلس الأعلى الي كيف سيتم التعامل مع شيخ الأزهر الحالي – مع احترامنا وتقديرنا الكامل لشخصه الكريم وعلاقتي الكريمة يفضيلته  – فهل سيستقيل أم سيظل إلى أن يبلغ الثمانين من عمره مع العلم أنه يبلغ من العمر  64  عاما حاليا.
    وحتي في حال استقالة شيخ الأزهر الحالي بعد إقرار القانون وتعيين هيئة كبار العلماء من طرفه فمن الطبيعي أن تختاره اللجنة مرة أخري.
    وأرى أنه يجب انتخاب هيئة كبار العلماء من كافة  علماء الأزهر الذين تتوافر فيهم الشروط  لينتخبوا من بينهم شيخ الأزهرلا أن يتم تعينها من قبله كما يجب أن  يتم تحديد الفترة الزمنية لبقاء العلماء في الهيئة !!! ولا يعقل ان يظلوا بها طوال حياتهم حتي الوفاة .
    وهل سيتم انتخاب هذه الهيئة مرة واحدة، وكيف سيتم تجديدها بعد ذلك؟
    في الحقيقة هذا الطرح غير مقبول من وجهة نظري وأرى أن ما يتم الآن هو محاولة اصدار قانون بمرسوم رئاسي من المجلس الأعلى للقوات المسلحة لاعتماد هذا القانون لعدم الرغبة في  عرضه على مجلس الشعب خوفا من مناقشته بشكل فعال.
    ومن غير المقبول أن اختيار مرجعية الأزهر وهيئة كبار العلماء من قبل هوى شخص مهما كان هذا الإنسان. لذلك يجب أن يتم انتخاب  هيئة كبار العلماء  من بين كافة علماء مصر ولمدد محددة يتم بعدها التجديد أو إعادة الانتخاب مرة أخرى كمجلس الشعب أو رئاسة الجمهورية. 
    لم نعد  نريد لأي منصب في مصر أن يظل مدى الحياة ،وأري تحديد مدة هيئة كبار العلماء بخمس أوعشر سنوات ثم يتم إعادة انتخاب الهيئة مرة أخرى لمدتين علي أقصى تقدير. 
    ومنصب شيخ الأزهر لدى المسلمين لا يصح أن يكون مثل بابا الفاتيكان يظل موجودا ويرعى شئون المسلمين مدى الحياة ويجب أن تكون مدة رئاسة مشيخة الأزهر لفترات محددة ولا يحق له الترشح بعد ذلك.
    نريد أن يكون عندنا الإمام الأكبر السابق وأن يكون شيخ الأزهر بالانتخاب الحقيقي من قبل هيئة تم انتخابها.

    وكنا نأمل يحتوي  مشروع القانون المقدم  على مادة تعيد دار الإفتاء المصرية إلى مشيخة الأزهر الشريف  حيث أننا نرفض جميعا أن يكون منصب مفتي الجمهورية كموظف في وزارة العدل.
    واقترح أيضا أن  تلغى وزارة الأوقاف وتصبح بكل هيئاتها تابعة لمشيخة الأزهر ووتحت إدارته، فضلا عن إعادة أوقاف الأزهر إليه من خلال القانون وأن يتم اعتماد الوقف الأهلي للأزهر حتى تتحقق استقلاليته الكاملة. 
    ويجب أن يشير قانون الأزهر إلى استقلاليته التامة عن رئيس الجمهورية بحيث لا يحق للأخير عزل شيخ الأزهر أو أي عضو من هيئة كبار العلماء...هذا ما كنا نأمله من قانون الأزهرالجديد، والقانون الذي أرسل لاقراره من قبل المجلس الأعلي بمرسوم لن يمر وحتى إن تم ذلك فمن حق البرلمان والرئيس القادم إلغاء هذا القانون واعادة تشكيله من جديد. نريد أزهرا مستقلا ماليا وإداريا وعلميا 
    وختاما أقول أن رجال الأزهر الشرفاء لن يقبلوا بهذا العوار وهذا القانون الممسوخ الذي لا يحقق لنا ما نريده من طموح  للأزهر الشريف لكي يكون مرجعية لكل المصريين والمسلمين  في شتي بقاع الأرض.


    دكتور : صفوت حجازي
    أمين عام رابطة علماء أهل السنة
    عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين