الخميس 2 مايو 2024 10:10 صـ 23 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    الحشد المستمر السلمي هو الطريق للحرية

    رابطة علماء أهل السنة

    مر يوم 30 من يونيو كما يمر غيره من أيام بلا تأثير على المشهد المصري؛ ذلك اليوم الذي كان يعد لكي يكون يوم قيامة الإسلاميين في مصر،، لكن هذا لم يكن ليرضي الخارج والداخل، فكان بيان "الإمهال" من القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية، التي أمهلت فيه القوى السياسية – وكان المقصود هو الرئيس المنتخب والإرادة الشعبية – 48 ساعة للوصول لحل ينهي الانقسام في المجتمع!

    ثم كان بيان الانقلاب الأسود الذي صدر يوم 3 يوليو بدون أي مبررات ولا أسباب؛ حيث لم يحدث ما يوجبه أو يتطلبه – ولا يمكن أن يكون هناك ما يتطلبه – غير النية المبيتة للانقلاب على إرادة الشعب، وإجهاض ثورة 25 يناير والقضاء عليها.

    ولا شك أن هذا الانقلاب كان مخططا له من قديم – كما اتضحت الصورة – فلا يراد لمصر أن تكون مستقلة، ولا أن تملك قرارها .. وقد فوجئ العالم كله بهذا الانقلاب الأسود الذي وضعنا في مشهد جديد ومفاجئ بلا مبرر، وأرجعنا إلى ما قبل نقطة الصفر؛ فكأن الثورة كانت حلمًا ثم تبدد فجأة بلا مقدمات.

    وهناك جهات كثيرة داخلية وخارجية تريد أن تمرر هذا الانقلاب العسكري على الثورة وعلى إرادة الشعب المصري؛ لأنه لا يسعدها أن يستمر الإسلاميون في السلطة – مهما كانت أخطاؤهم – ففي ذلك الخطر – كل الخطر – على مصالحهم داخليا وخارجيا.

    ومن هنا نسمع أخبارا من هنا أو هناك أن جهات معينة ستتبنى تفجيرات داخل القاهرة، وتلصقها بالإسلاميين – وبخاصة الإخوان المسلمون – لتتخذ من ذلك ذريعة للقضاء على جموع الشعب المصري في الميادين، وفض اعتصاماتهم بالقوة، وما أحداث مجزرة الحرس الجمهوري للركع السجود عنا ببعيد، وهي التي اتهم فيها الإسلاميون وعلى رأسهم الإخوان، وليت الأمر وقف عند هذا الحد، بل تطور إلى ضبط وإحضار عدد من القيادات الإسلامية – ومنهم مرشد الإخوان – بتهمة التحريض على القتل في أحداث هذه المجزرة!

    ومن هنا فإن الطريق الوحيدة لإفشال هذا الانقلاب الأسود هو الحشد المضاعف والاستمرار والثبات، والحفاظ على السلمية والتأكيد عليها دائما، وإعلان التبرؤ من أي أحداث عنف قد تقع في المستقبل، وبيان أن هذا يراد به إلصاقه بالإسلاميين وهم منهم براء.

    يقول التاريخ: إنه لا يوجد انقلاب عسكري تم إفشاله أو التراجع عنه، لكن عدم ورود التراجع في التاريخ ليس دليلا على امتناعه أو عدم إمكانه، فكما أننا لم نر في التاريخ المصري حاكما يحاكَم ويقف خلف القضبان، ولا ثورة عظيمة كثورة الخامس والعشرين من يناير، فكذلك يمكن أن يتم إفشال الانقلاب العسكري، وعودة الحرية، واستكمال المسيرة المصرية التي ضحى من أجلها مئات الشهداء وآلاف الجرحى.

    ولن يكون هذا إلا بالحشد المضاعف المنتشر والمستوعب والمستمر والسلمي الذي يتدرج حتى يشمل عشرات الملايين، وحينها لن يملك الجيش إلا أن يرضخ لإرادة الشعب – مع صعوبة تنفيذه وتصور مآلاته – ويتراجع عن انقلابه، فإرادة الشعب أقوى من إرادة العسكر، وقوة الإيمان والعزيمة أقوى من قوة الدبابات والرصاص، ولا نملك إلا الاعتصام بقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ". سورة آل عمران: 200.