الشهداء: أحياءٌ عند ربهم يُرزقون
هم العظماء: ( فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألّا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون ).. صدق الله العظيم ..
ورحلت ثُلة مباركة من شهداء أحد، وكانوا مع سيد البشر صلى الله عليه وآله وسلم، وكلّمهم الله تعالى كفاحاً ، وكان الناطق الرسمي والمتحدّث باسم شهداء أُحد الصحابي العظيم الجليل عبد الله بن عمرو بن حرام رضي الله عنه ..
كلّمهم الله تعالى وتودّد إليهم، وتكلم عبد الله مع الله جلّ في علاه عن أسمى أمنياته وإخوانه الشهداء .. فكانت أمنيتهم: أن يعودوا إلى الدنيا ليقاتلوا في سبيله تعالى فيُقتَلوا، ثم يقاتلوا فيُقتلوا، وهكذا مرات ومرات ، فالموت في سبيل الله أسمى أمنيات الصادقين ..
ولكنه قدر الله تعالى أن لا يعود الموتى ولو كانوا شهداء..
ثم كانت إطلالة المتحدث -رضي الله عنه- ورجاؤه من ربه الكريم أن يُخبر إخوانهم وأهليهم الأحياء من بعدهم بما أعدّه الله تعالى للشهداء المُصْطَفين الأخيار من نعيم مقيم في جنات النعيم، فكانت آيات آل عمران وشهداء أُحد.
واليوم ترحل هذه الكوكبة وتترجّل هذه الثُّلّة المباركة عن صهوة جواد اللقاء والمواجهة، لترحل إلى الله تعالى وقد اختارهم مولانا -نحسبهم ولا نزكيهم على الله وهو أعلم بهم -، ويكأنّي والله أقرأ مشهدهم أنهم قد أدّوا الأمانة التي وُكّلوا بها، وبلّغوا رسالتهم المناطة بهم، وجاهدوا كما ينبغي عليهم، ولما اشتاقوا إلى الله تعالى وأحبوا لقاءه أحبّ الله لقاءهم، فهامت أرواحهم، وتاقت نفوسهم إلى الملأ الأعلى، فاختارهم الله تعالى ورحلوا..
ثم والله .. ويكأنّي بهم قد انتهت بهم مرحلة من مراحل الجهاد والدعوة، كما انتهت بموت النبي صلى الله عليه وآله وسلم المجاهد الشهيد مرحلة دعوية مباركة ليتسلّم الراية من بعده أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم عليّ رضي الله عنهم جميعاً، دون أن تتوقف دعوة الله جلّ وعزّ..
وهم اليوم -إذ يرحلون مشتاقين - قد سلّموا راية الجهاد لجهابذة عظماء، بعد إعدادهم وتهيئتهم لمرحلة جديدة قادمة، فراية الجهاد ماضية لا يُبطلها جور جائر، ولا يُلغيها ظلم ظالم، ولا يكسرها تمالؤ الطواغيت ولو طغوا في البلاد، وأكثروا فيها الفساد، فإن ربّنا سبحانه بقدرته وجبروته وإحاطة علمه بالكافرين لبالمرصاد، وبأوليائه رحيم ودود، وليّ حميد، هو نِعمَ المولى ونِعمَ النصير..
امضوا أيها الشهداء الأبرار لما تحبون، فالرايات خفّاقة كما استلمها أمين من أمين قبله، يستلمها اليوم أمينُ أهل غزة ليكون هو بذاته "أبو عبيدة رضي الله عنه"، ورضي الله عن سائر جنده..
اللهم افتح في قادم الأيام لأهل الجهد فتحاً مبيناً، واهدهم لأحسن الفكر والتخطيط والمفاوضات صراطاً واسعاً مستقيماً، وانصرهم كما نصرت حبيبك وحبيبنا صلى الله عليه وآله وسلم نصراً عزيزاً.. وتقبل الشهداء الأبرار، واكتب الشفاء للجرحى والمرضى الأخيار ، والدفء والأمان والإطعام وكل خير للصامدين الأطهار.
واجعل لنا سهماً في عزة الإسلام والمسلمين والفتح المبين لأرض غزة وفلسطين ، وسائر بلاد المسلمين.





















