أبطال خلف الأسوار
الأستاذ الدكتور جمال عبد الستار رئيس الجامعة العالمية للتجديد والأمين العام لرابطة علماء أهل السنة رابطة علماء أهل السنةأبطال خلف الأسوار
لا أعرف عدالة كقضيتهم ، ولا بذلاً كتضحياتهم ، ولا رسوخاً كثباتهم ، ولا شموخاً كرجولتهم ولا نقاءً كطهارتهم، ولا سمواً كأخلاقهم، ولا رفعة كسلوكهم.
إنهم يتحملون أشد أنواع الأذى في الأقبية والزنازين، ويصبرون على قسوة السجان وثقل الأغلال، وسلب الحرية، وتعطيل الطاقات، فإذا ظهروا أمام الإعلام في الجلسات وغيرها بالغوا في توزيع الابتسامات حتى لا نحزن، وأظهروا معالم السرور حتى لانبكي، وتعانقوا داخل الأقفاص حتى لا نفترق، في الوقت الذي لا عمل لبعض من هم خارج الأسوار إلا نشر مايؤلمهم، وفعل مايحزنهم، وإشاعة مايفت في عضدهم، ويشمت فيهم عدو الله وعدوهم!! أفلا نتعانق من أجلهم ونتوحد لأسعادهم ، ونتغافر لإثلاج صدورهم!!
إنهم يتجرعون أشد أنواع المرارة والألم ، فإذا خرجوا إلى العلن تهللوا حتى لايدب اليأس إلى القلوب ، أو يتسلل القنوط إلى النفوس، في الوقت الذي يتفنن البعض بأقواله وأعماله في نشر كل دواعي اليأس، ودوافع القنوط ، ولا يتورع عن مضاعفة آلامهم بسوء فعله، ووضاعة قوله، ودناءة نفسه!! أفلا نتعلم منهم صناعة الآمل، وحسن الظن بالله تعالى!!
حتى لا يشمت عدو
إنهم يعانون الحرمان من أبسط متطلبات الحياة، فإذا خرجوا للعلن اجتهدوا في اصلاح هندامهم، ورسموا الضحكة على وجوههم، حتى لا يشمت عدو، ولا يبتأس حبيب ، في الوقت الذي يتفنن البعض خارج الأسوار في عمل كل ما يُشمت الأعداء، بتنازع وضيع، وفشل ذريع، ، وتصرف رقيع ، ونشر كل معالم السوء، ومخازي الطباع!! أفلا نتعلم منهم الصبر والمثابرة، أفلا نتعلم منهم كيف يكون الجلد حسبة لله تعالى ، ويقيناً فيما عنده سبحانه !!
إنهم يرفضون كل أنواع الضغوط للتنازل عن مبادئهم، او التحول عن قضيتهم ، فإذا سنحت لهم فرصة سريعة للظهور رسموا بأصابعهم شعار قضيتهم، في الوقت الذي يتنازل بعض من ينعمون بالهواء الطلق عن ثوابت قضيته، ومنطلقات نهضته، بالخنوع والخضوع، أو بالمداهنة والاستكانة، أو بالعيش في إطار الأوهام والأحلام، أو بالانشغال بقضايا فرعية، أو نزاعات شخصية، أفلا يجدر بنا أن نتضافر لإنهاء محنتهم، واستنقاذ أرواحهم، وصيانة دمائهم !!
انهم آمنوا بعدالة القضية، وضحوا من أجل وطننا وحريتنا وهويتنا ، وصمدوا في وجه الباطل بكل ما أوتوا من قوة ، وعرّضوا أنفسهم وأموالهم وأسرهم لأشد المخاطر وأصعب التحديات ، وحافظوا على وحدة صفهم ، فهل من الأمانة أن تُضيع حقوقهم، وتُنسى قضيتهم، وتُعاني من الفاقة أسرهم، ويتاجر البعض بمحنتهم، ويتلاعب بحقوقهم!!