الوقوع في الحرام.. هكذا يتم التحايل على معونة المطلقات في العراق
رابطة علماء أهل السنةمشكلة سمارة هي حالة من حالات التحايل والفساد المالي الشائعة في العراق الذي يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية تسببت في ارتفاع نسب البطالة والفقر والطلاق.
"لم ينفع مشروعي الصغير بشيء"، تقول العراقية سمارة وهي أم لطفلة في السادسة من عمرها وتعاني من شظف العيش، ولجأت إلى تجربة عدة مشاريع من منزلها الواقع على أطراف بغداد، بعد أن توقف زوجها عن العمل، لكنها لم تنجح.
وتضيف سمارة (33 عاما) أنها "جربت الخياطة للجيران لكنهم يتجهون لشراء الملابس النسائية من السوق بسبب رخص أسعار المواد المستوردة، إذ لا يتجاوز سعر القطعة الواحدة منها 10 آلاف دينار (ما يعادل 7 دولارات)، كما جربت الطبخ من المنزل وإعداد مختلف الأطعمة لكن توقفت بعد فترة بسيطة بسبب قلة الإقبال، وجربت الخدمة في المنازل دون جدوى أيضا".
وتشير إلى أن زوجها أجبرها بعد ذلك على مطاوعته في فكرته التي زرعها في رأسه عدد من أصدقائه، ألا وهي التطليق قانونا في المحاكم والإبقاء على الزواج شرعا بعقد رجل الدين المجاز، لأحصل منها على المعونة الاجتماعية الخاصة بالمطلقات.
وبعد عدد من المراجعات -تتابع سمارة- "حصلت فعلا على المعونة، حاولت كثيرا ثني زوجي عن طريقته هذه، خفت أن أقع في الحرام لأنني طليقته قانونا، إلا أنه أقنعني أن الموضوع شرعا لا يوجد خلل فيه".
زوج وهمي
على غرار سمارة، مرت منتهى، التي تجاوزت الـ35 من عمرها دون زواج أو عمل وتقيم مع والدتها في منطقة الدورة ببغداد، بتجربة مماثلة نوعا ما.
تقول منتهى للجزيرة نت "فكرت في الحصول على عمل، إلا أنني لا أمتلك سوى شهادة الدراسة الابتدائية ولم أحبذ أصلا مشقة العمل، لذا خاطبت عدة صديقات لإيجاد أي شخص يقبل الزواج بي لفترة بسيطة دون إتمام الزواج، وتطليقي في المحكمة للحصول على المعونة حتى إنني نشرت منشورا في منصات التواصل الاجتماعي لفترة وحذفته بعد أن حصلت على عروض كثيرة شرط اقتسام مبلغ المعونة مع الطرف الآخر، نفذت الفكرة فعلا، إلا أنني لم أستطع إكمال المعاملات الخاصة بالمعونة لأنها تحتاج إلى طوابير انتظار وزيارة باحث، الأمر الذي أقلقني من احتمال كشف العملية برمتها".
سمارة ومنتهى هما مجرد عينة من حالات التحايل والفساد المالي الشائعة في العراق، الذي يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية تسببت في ارتفاع نسب البطالة والفقر والطلاق.
وسجّلت المحاكم العراقية ارتفاعا قياسيا في حالات الطلاق بأسباب مختلفة منها: الزواج المبكر، والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، والخيانة الزوجية، والعنف الأسري، وتدخل الأهل.
وشهد مطلع عام 2022 تسجيل أكثر 200 حالة طلاق في اليوم الواحد، في حين سجّلت المحاكم في يناير/كانون الثاني الماضي 6486 طلاقا، وفي فبراير/شباط السابق 5815 حالة طلاق، إلا أنها لا تخلو من احتيالات يمارسها عدد من النسوة أو عدد من أرباب الأسرة أيضا.
رأي الوزارة والشرع؟
من وجهة نظر دينية، قال الشيخ محمد خليل السنجري، وكيل المرجعية الشيعية العليا في بغداد وعضو الأمانة العامة للعلماء في العراق، للجزيرة نت إن "المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني لا يوافق على مخالفة القوانين والأنظمة".
ويصف المتحدث باسم الوزارة نجم العقابي للجزيرة نت كيفية حدوث حالات الاحتيال وطرق تجاوزها باستخدام القوانين الخاصة بها، وقال إن قانون الوزارة رقم 11 لسنة 2014 يستهدف من كان تحت خط الفقر والأسر وليس الأفراد، مشيرا إلى أن مجموع الرجال والنساء المشمولين الآن هم مليون و400 ألف أسرة في محافظات العراق ما عدا إقليم كردستان، أما بالنسبة لعدد المشمولات من الأرامل والمطلقات فيبلغ 440 ألف أسرة تعيلها امرأة مشمولة بالحماية الاجتماعية.
وشرح العقابي كيف اكتشفت الوزارة المئات من حالات الزواج والطلاق الصوري التي يتم فيها الاحتيال من أجل الحصول على المعونة من خلال الباحث الاجتماعي، أي من خلال إجرائه البحث الاجتماعي والزيارة الميدانية للمرأة المشمولة بالمعونة، واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهن وأغلبهن في العاصمة بغداد.
وعن ماهية هذه الإجراءات، يبيّن العقابي أن الوزارة تمتلك إجراءات قانونية لاسترداد كافة المبالغ التي تم أخذها، مشيرا إلى أنه تم اكتشاف آلاف حالات الاحتيال، ومن بينها تقاضي موظفين في الدولة ومتقاعدين رواتب الرعاية.
وأكد أنه تم إعفاء أكثر من 10 آلاف امرأة حصلن على رواتب بالطلاق الصوري من عملية استرداد الرواتب أو الديون للوزارة لأسباب إنسانية ومراعاة للظروف الاقتصادية.
وعن المبلغ الخاص بالرعاية الاجتماعية للمطلقة، قال المتحدث باسم الوزارة إنه يتحدد حسب عدد أفراد الأسرة من 125 إلى 375 ألف دينار عراقي، كما يختلف مقدار راتب الإعانة الاجتماعية بين المرأة والرجل، إذ إن المرأة تتقاضى 325 ألف دينار لعائلة مكونة من 4 أفراد، أما الرجل فيحصل على 275 ألف دينار فقط.
المصدر : الجزيرة