السبت 20 أبريل 2024 12:26 مـ 11 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    يا علماء أمتي... افعلوا شيئا

    رابطة علماء أهل السنة

    إن علماء الأمة الإسلامية هم عقلها الواعي ، وقلبها الحي اليقظ ، ولسانها المعبر عن تطلعاتها وآلامها ، فقد احتلوا موقع الرأس من جسمها، وتربصوا على عروش قلوبها في كل مراحل العافية فيها كما تدل على ذلك النصوص الشرعية والحقائق التاريخية.
    لقد أنيط بهم وحدهم حفظ الرسالة بيضاء نقية وقيادة الأمة فكرياً، كما أنيط بهم أن يكونوا الرقيب والناصح لأصحاب الولايات العامة، وأن يتحملوا قيادة الأمة عملياً عند فساد الأجواء، لذلك كانت حملة الظالمين عليهم أشد، والاستهداف لشراء ذممهم أعظم وأخطر، ولكن الخبر المعصوم من الكتاب والسنة دلَّ على أن بقية الخير فيهم قائمة إلى يوم الدين، لتبقى الحجة بهم قائمة على الخلق ما بقيت على الأرض حياة، كما أورد البخاري ومسلم بسندهما عن معاوية بن أبي سفيان ــ رضي الله عنهما ــ أن النبي  قال: «مَنْ يُرِدِ اللّهُ به خَيراً يُفَقِّهْهُ في الدِّين. وإِنَّما أَنا قاسِمٌ، واللّهُ يُعطِي. ولنْ تزالَ هذهِ الأمَّةُ قائِمةً على أَمْرِ اللّهِ لا يَضُرُّهمْ مَنْ خالَفَهُم حتىٰ يأتيَ أَمرُ اللّه»(صحيح البخاري، كتاب العلم، باب من يرد الله به خيراً يفقه في الدين، 1/221).
    فإلى هؤلاء البقية نوجه نداءنا، ونرفع صوت استغاثتنا، آملين أن يتحملوا المسؤولية باقتدار، وأن يوجهوا الأمة إلى حمل الواجب الذي يوجبه الشرع وتقتضيه المروءة نحو إخواننا في غزة خاصة وأرض الأقصى والقدس عامة. 
    يا بقية الخير في الأمة : أدعوكم بكل قوة أن تأخذوا زمام المبادرة إلى ما يلي:
    1.من الضروري التذكير بالنصوص القرآنية والأحاديث والسيرة النبوية عن بني إسرائيل ومواقفهم المخزية من الله تعالى والرسل والكتب المقدسة والمسلمين والبشر أجميعن، وبيان حجم إفسادهم عبر التاريخ؛ لغرس اليقين بأنهم أراذل الخلق أجمعين، وأبشعهم في التعامل مع الآخرين.
    2.استعادة الفتاوى الصحيحة التي اتفق عليها خيار علماء الأمة لوجوب قتالهم ليس فقط انتصارا لما يفعلونه بأهل غزة من حصار وقتل ودمار، وإنما حتى ينتهي الاحتلال البغيض تماما.
    3.الإلحاح الدائم على موجبات القتال ديانة وسياسة لوجود الاحتلال وتتابع القتل وتزايد الطرد من الديار وهو يساوي في الإسلام القتل تماما، وإهانة القرآن، ورسول الإسلام وسيدنا عيسى عليه السلام، والتدمير والتخريب، ونقض المواثيق والعهود وتكرار الخيانة وحفر الأنفاق تحت المسجد الأقصى، وسلب الفلسطينيين حرياتهم، وأسر رجالهم ونسائهم وأطفالهم مما لا يخفى على منصف دينيا أو سياسيا.
    4.بعث الأمل في قوة الملك التي لا تقهر، وقد وعد بنصر المسلمين وقهر الظالمين، وقوة المنهج الذي لا يتغير قرآنا وسنة الذي يجمع الله به قلوب المؤمنين على نصرة هذا الدين، وتاريخنا الحافل كما حدث في غزو المغول والصليبيين، فردهم الله تعالى خزايا منهزمين في موقعتي بعين جالوت وحطين، بعد اجتماع كلمة العلماء والأمراء على تجييش عموم المسلمين.
    5.أن يكون علماؤنا مثل مهرة الأطباء يشخصون الداء ويصفون الدواء بعد تحليل العلل والأسباب، فليكن كل منا طبيب قومه في الوصف الدقيق لأمراضهم والتحليل العميق لأسباب عللهم والحلول المناسبة لإمكاناتهم وقدراتهم، كما قال تعالى: اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ [هود : 121]، وكان هذا توجيها ربانيا في نهاية سورة هود التي زخرت بصور الصراع بين الحق والباطل وكيف انتهى الأمر في كلٍ إلى هزيمة الباطل وحزبه ونصرة الحق وأهله.
    6.اختاروا لأنفسكم أحد هذه المقامات من الدركات أو الدرجات، إما أن تكونوا من أصحاب الشمال، وأول حطب لجهنم بمزيد من الصمت على هذا الظلم البين لإخواننا في غزة خاصة وفلسطين عامة، أو بمزيد من التلبيس (بالتعالم دون فهم) ، والتدليس (بتغيير الأحكام الشرعية)، وتلك لعمري خسارة الدارين واجتلاب اللعنات، كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ [البقرة : 159] ، أو أن نختار أن نكون من أصحاب اليمين ببيان الحق لا نخشى فيه لومة لائم، كما قال تعالى:إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة : 160] ، أو أن تكون معا من القادة المتقين، والأخيار المصطفين، والأبرار المقربين، وهم ثلة من الأولين، وقليل من الآخرين، منازلهم في الجنة بجوار رب العالمين وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهوَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [آل عمران : 170:169] ، وذلك مرهون بألا يوجد سقف من التضحية، نصرة لهذا الدين، ودفاعا عن مقدساته ورجاله ونسائه وأطفاله من المستضعفين المستغيثين: قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [البقرة : 250] ، فنكون طلائع النصر المبين، والعز والتمكين والفوز برضا الرحمن الرحيم وأعلى جنات النعيم.
    7.الاهتمام الخاص بجيل المستقبل من البنين والبنات، والشباب والفتيات؛ فهم أسرع الناس استجابة، ومقصد الأعداء فتنة، وهم في كل أمة خير عدة لصناعة الحاضر والمستقبل، وهم يستحقون منكم تجديد الخطاب، وتغيير الأنماط التي يملُّ منها هذا الشباب لنجذبهم إلى رحبة الإيمان، ومكارم الأخلاق وتحمل المسؤوليات ليكونوا روادًا وعلماء ومبتكرين في كل المجالات النافعة لأوطانهم أولًا، ولأمتهم ثانيًا، ولعالمهم كله أخيرا..