السبت 21 يونيو 2025 03:33 مـ 24 ذو الحجة 1446هـ
رابطة علماء أهل السنة

    مقالات

    خواطر ضحيتين

    رابطة علماء أهل السنة

    ناقشني غير واحد ممن لا أتهمه في دينه ولا في علمه ولا في ولائه لله ولرسوله ولكل مؤمن، وبراءته من كل كافر وظالم وفاسق، فقال:
    لا أحد من المؤمنين يجادل في خطورة المشروعين الاحتلاليين التوسعيين الإجراميين (الصهيوني والرافضي)، ولا أحد منهم يكابر في جرائمهما بحق الشعوب والبلدان السنية، ولا أحد ينكر تمالؤ معظم الأنظمة العربية مع أحدهما، وتساهلها مع الآخر..
    ولكن الموازنة الشرعية وفقه المرحلة واستحضار المآلات؛ كلها تقتضي دفع أعظم المفسدتين بارتكاب أخفهما، ووجوب إعانة المسلم المعادي المنحرف إذا غزاه كافر أصلي، ولاسيما إن كان يهوديا..
    ولا يخفى على ذي فطنة أن هزيمة إيران في هذه الحرب ستجرئ الحلف الصهيوني على غزو غيرها من الدول الإسلامية ذات القوة، ويرغم غيرها على الانصياع لأجندات التطبيع..
    فواجب الوقت ومقتضى الحصافة هو وقوف الأمة الإسلامية صفا واحدا مع إيران؛ لحق الإسلام، وحق الجوار، ونصرة المظلوم، واستنزاف العدو الأخطر، والإبقاء على بعض التوازن في الإقليم..
    لذلك أدعوك إلى توجيه كل جهودك إلى العدو الصهيوني، وتأجيل الخلاف مع إيران إلى نهاية الحرب.. بل دعمها أثناءها بالتعبئة والدعاء لها بالنصر على الصهاينة والتمكين من هزيمتهم.
    واعلم أن من لم يقف اليوم في صف الجمهورية الإسلامية، فإنما يقف في صف الكيان الصهيوني.

    فقلت:
    يمنعني مما تدعوني إليه نوعان من الاعتبارات:


    أولا- اعتبارات تخصها؛
    - أن أئمة السلف الأوائل ومنهم الأربعة وبعض أئمة الحديث، قد حكموا بكفر فئتين سموهما غلاة الرافضة؛ أولاهما تؤله الإمام عليا رضي الله عنه، والثانية تكفر عموم الصحابة إلا أربعة أو ستة، وتتفقان في إيجاب الإيمان بتحريف القرآن والحكم بكفر من لم يؤمن بتحريفه، والجزم بعصمة الأئمة ووجوب نسخ الشرائع بأقوالهم، وبأن التقية واجبة لخداع العامة (أهل السنة)، ولو اقتضى الأمر إنكار كل الأصول الإمامية، أو تطلب دعوى اعتناق جميع عقائد السنة.
    - عناية الكتب الثمانية المعتمدة المذهب الإمامي الإثنا عشري بالتأصيل لهذه العقائد كلها وأكثر منها، والحض على اعتناقها والتشبث بها.
    - اعتماد دستور الجمهورية الخمينية للمذهب الإثني عشري ومراجعه مصدرا وحيدا لأسس جمهوريتهم.
    - استمرار قنواتهم ومواقعهم ومؤلفاتهم في نشر هذه العقائد، إلا ما هو موجه منها لخداعنا إعمالا لأصل التقية الحربائي، وشهادة أفعالهم الإجرامية في الميدان على حقيقة معتقداتهم ومنطلقاتهم وأهدافهم.


    ثانيا- اعتبارات ذاتية؛
    - لا يمكنني عقلا ولا شرعا ولا خلقا تصديق أن من احتل أربع دول وشرد عشرات الملايين وقتل الملايين خلال ربع قرن، خير أو أقل شرا ممن احتل بلدا وأطرافا وشرد الملايين وقتل مئات الآلاف خلال قرن كامل.
    - كما لا يمكنني -مهما لٰمزت بها- اعتبار الثاني خيرا من الأول ولا أقل شرا.. تماما كما لا يمكنني المفاضلة بين نجاسة العذرة ونجاسة الدم المسفوح.
    - ولا يمكنني وقف العداء لأحدهما - ولو مرحليا وتظاهرا لا اعتقادا- إلا إذا أمكنني تعطيل إحدى فريضتي الصلاة أو الصيام في رمضان حرصا على التقٓوٌٖي على أداء الأخرى.
    - نعم، اعتبر معاونتهم المصلحية الآنية على التصدي لهجمة اليهود عليهم من باكستان أو تركيا أو غيرهما من الأنظمة الحاكمة، قصد حفظ شيء من التوازن في المنطقة من الأمور الاجتهادية المصلحية التي يسوغ الخلاف فيها.
    - لكني أعتبر موالاتهم المبدئية ومحبتهم وتمجيدهم والدعوة لهم بالنصر والتمكين من الركون للظالمين، ومن تولي من يستبيح دماء المؤمنين في الدين وينتهك أعراضهم ويخرجهم من ديارهم ويظاهر على إخراجهم.


    وختاما؛
    يعلم الله ما تزعزع إيماني لحظة واحدة مهما بلغت درجة الضعف، وغلبة الاستكانة، واستعلاء الأعداء؛ في صدق وعد الله وكمال قدرته عليه، إذ قال: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ • وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ).
    ووالله ما سألت نفسي ولا أحدا من خلق الله كيف يكون ذلك والحالة هذه ؟! ثقة بقوله: (فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ).


    فكيف إذن أبتهل إلى الله أن يذر لي من أعدائي في الأرض ديارا، مهما تيقنت أنه أقلهم شرا وأقربٰهم مودة ؟!

    خواطر ضحيتين اليهود إيران موالاة

    مقالات