السبت 20 أبريل 2024 10:26 صـ 11 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    أخبار مصر

    مصر ... الأزهر يفتي بجواز عزل الأنظمة الظالمة

    رابطة علماء أهل السنة

    أصدر الأزهر الشريف بيانا هو الأقوى من نوعه لتأييد حق الشعوب المطحونة في الثورة على حكامها مطالبا الأنظمة بالانصياع لطلبات شعوبها، ووفقاً للبيان الذي تم نشره في مجلة الأزهر بتاريخ 3/10/2011 .

    والذي يؤكد على :

    - اعتماد شرعية السُّلطة الحاكمة من الوجهة الدينية والدستورية على رضا الشُّعوب، واختيارها الحرّ.

    - المعارضة الوطنية الشعبية والاحتجاج السِّلميّ، الذي هو حقٌّ أصيلٌ للشُعوب لتقويم الحكّام وترشيدهم، ثم لا يستجيب الحكّام لنداء شعوبهم، ولا يُبادرونَ بالإصلاحات المطلوبة، بل يُمْعِنونَ في تجاهل المطالب الوطنية المشروعة التى تنادى بالحرية والعدالة والإنصاف، فإن هؤلاء المعارضين الوطنيين لا يُعَدُّون من قَبيل البُغاة أبَدًا، بل هي واجب المواطنين لإصلاح مجتمعهم وتقويم حُكّامهم، والاستجابة لها واجبٌ على الحكّام وأهل السُّلطة، دونَ مُراوغةٍ أو عنادٍ.

    - مواجهة أيّ احتجاج وطني سِلميّ بالقوّة والعُنفِ المسلَّح، وإراقة دماء المواطنين المسالمين، يُسقِطُ شرعيّةَ السُّلطة.

    - علماء الأزهر وقادة الفكر والثقافة يُعلنونَ مناصرتهم التّامة لإرادة الشعوب العربية في التجديد والاصلاح ومجتمع الحرية والعدالة الاجتماعية.

    - ثم ناشد البيان النّظم العربيّة والإسلاميّة الحاكمة بالحرص على المبادرة إلى تحقيق الإصلاح السياسي والاجتماعي والدستوري طَوْعًا.

    وكان نص البيان كالتالي :

    بيان الأزهر و المثقفين

    لدعم إرادة الشعوب العربية

    ( فتوى العصر بجواز عزل الانظمة الظالمة )

    " انطلاقاً من إدراك كبارعلماء الأزهر الشريف ، و مجموعة المثقفين المشاركين لهم ، لمتطلبات المرحلة التاريخية المفصلية ، التي تمر بها شعوب الأمة العربية في نضالها المشروع للحرية و العدالة و الديمقراطية ، و استئناف مسيرتها الحضارية ، و استلهاماً لروح التحررفي الإسلام ، و القوانين الفقهية لمشروعية السلطة ، و دورها في الإصلاح و تحقيق المقاصد و المصالح العليا للأمة ، و اتساقاً مع مواقف الأزهرالشريف ، و قادة الفكرفي مصرو الوطن العربي ، في دعم حركات التحرر من المستعمرالغاشم و المستبد الظالم ، و إيماناً من الجميع بضرورة يقظة الأمة للأخذ بأسباب النهضة و التقدم ، و تجاوز العثرات التاريخية ، و إرساء حقوق المواطنين في العدالة الاجتماعية ، على أساس راسخ من مبادئ الشريعة و أصولها ، بما تتضمنه من حفظ العقل و الدين و النفس و العرض و المال ، و سد الطريق أمام السلطة الجائرة التي تحرم المجتمع العربي و الإسلامي من دخول عصر التألق الحضاري ، و التقدم المعرفي ، و الإسهام في تحقيق الرخاء الاقتصادي و النهضة الشاملة ، انطلاقاً من كل ذلك ؛ فإن المجموعة التي أصدرت وثيقة الأزهر ومثلت مختلف ألوان الطيف الفكري في المجتمع المصري ، قد أدارت عدة حوارات بناءة ، حول ما حققته الثورات العربية من تفاعل خصب ، و تجاوب حميم بين مختلف المشارب و التيارات ، و توافقت على جملة المبادئ المستمدة من الفكرالإسلامي ، و الطموحات المستقبلية للشعوب العربية ، و انتهت برعاية الأزهرالشريف إلى إعلان ضرورة احترام المواثيق التالية :

    أولاً : تعتمد شرعية السلطة الحاكمة من الوجهة الدينية و الدستورية على رضا الشعوب ، و اختيارها الحر، من خلال اقتراع علني يتم في نزاهة و شفافية ديمقراطية ، باعتباره البديل العصري المنظم لما سبقت به تقاليد البيعة الإسلامية الرشيدة ، وطبقاً لتطورنظم الحكم و إجراءاته في الدولة الحديثة و المعاصرة ، و ما استقرعليه العرف الدستوري من توزيع السلطات التشريعية و التنفيذية و القضائية ، و الفصل الحاسم بينهم ، و من ضبط وسائل الرقابة و المساءلة و المحاسبة ، بحيث تكون الأمة هي مصدر السلطات جميعاً ، و مانحة الشرعية و سالبتها عند الضرورة .

    وقد درج كثير من الحكام على تعزيزسلطتهم المطلقة متشبثين بفهم مبتورللآية القرآنية الكريمة : ( يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولى الأمرمنكم ) سورة النساء الآية رقم 59

    متجاهلين سياقها الواضح الصريح في قوله تعالى قبل ذلك في الآية التي تسبق هذه الآية مباشرة : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمنت إلى أهلها و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) سورة النساء الآية رقم 58

    مما يجعل الإخلال بشروط أمانة الحكم و عدم إقامة العدل فيه مسوغاً شرعياً لمطالبة الشعوب حكامهم بإقامة العدل ، و مقاومة الظلم و الاستبداد ، ومن قال من فقهائنا بوجوب الصبرعلى المتغلب المستبد من الحكام حرصاً على سلامة الأمة من الفوضى و الهرج و المرج ، فقد أجاز في الوقت نفسه عزل المستبد الظالم إذا تحققت القدرة على ذلك و انتفى احتمال الضرر و الإضراربسلامة الأمة و مجتمعاتها .

    ثانياً : عندما يرتفع صوت المعارضة الوطنية الشعبية و الاحتجاج السلمي ، الذي هو حق أصيل للشعوب لتقويم الحكام وترشيدهم ، ثم لا يستجيب الحكام لنداء شعوبهم ، و لا يبادرون بالإصلاحات المطلوبة ، بل يمعنون في تجاهل المطالب الوطنية المشروعة التي تنادي بالحرية و العدالة و الإنصاف ، فإن هؤلاء المعارضين الوطنيين لا يعدون من قبيل البغاة أبداً ، و إنما البغاة هم الذين تحددت أوصافهم فقهياً بامتلاك الشوكة و الانعزال عن الأمة ، و رفع الأسلحة في مواجهة مخالفيهم ، و الإفساد في الأرض بالقوة ، أما الحركات الوطنية السلمية المعارضة ، فهي من صميم حقوق الإنسان في الإسلام التي أكدتها سائرالمواثيق الدولية ، بل هي واجب المواطنين لإصلاح مجتمعهم وتقويم حكامهم ، و الاستجابة لها واجب على الحكام و أهل السلطة ، دون مراوغة أو عناد .

    ثالثاً : تعد مواجهة أي احتجاج وطني سلمي بالقوة و العنف المسلح ، و إراقة دماء المواطنين المسالمين ، نقضاً لميثاق الحكم بين الأمة وحكامها ، ويسقط شرعية السلطة ، و يهدرحقها في الاستمراربالتراضي ، فإذا تمادت السلطة في طغيانها ، و ركبت مركب الظلم و البغي و العدوان و استهانت بإراقة دماء المواطنين الأبرياء ، حفاظاً على بقائها غيرالمشروع – و على الرغم من غرادة شعوبها- أصبحت السلطة مدانة بجرائم تلوث صفحاتها ، و أصبح من حق الشعوب المقهورة أن تعمل على عزل الحكام المتسلطين و على محاسبتهم ، بل تغييرالنظام بأكمله ، مهما كانت المعاذير من حرص على الاستقرارأومواجهة الفتن و المؤامرات ، فانتهاك حرمة الدم المعصوم هو الخط الفاصل بين شرعية الحكم و سقوطه في الإثم و العدوان ، و على الجيوش المنظمة – في أوطاننا كلها – في هذه الأحوال أن تلتزم بواجباتها الدستورية في حماية الأوطان من الخارج ، و لا تتحول إلى أدوات للقمع و إرهاب المواطنين و سفك دمائهم ، فإنه :

    " من قتل نفساً بغيرنفس أوفساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً " سورة المائدة – الآية رقم 32

    رابعاً : يتعين على قوى الثورة و التجديد و الإصلاح أن تبتعد كلياً عن كل ما يؤدي إلى إراقة الدماء ، وعن الاستقواء بالقوى الخارجية أياً كان مصدرها ، و مهما كانت الذرائع و التعلات التي تتدخل بها في شئون دولهم و أوطانهم و إلا كانوا بغاة خارجين على أمتهم وعلى شرعية دولهم ، و وجب على السلطة حينئذ أن تردهم إلى وحدة الصف الوطني الذي هو أول الفرائض و أوجب الواجبات ، وعلى قوى الثورة و التجديد أن تتحد في سبيل تحقيق حلمها في العدل و الحرية ، و أن تتفادى النزاعات الطائفية أو العرقية أو المذهبية أو الدينية ، حفاظاً على نسيجها الوطني ، و احتراماً لحقوق المواطنة ، و حشداً لجميع الطاقات من اجل تحول ديمقراطي يتم لصالح الجميع ، في إطارمن التوافق وا لانسجام الوطني ، و يهدف لبناء المستقبل على أساس من المساواة و العدل ، و بحيث لا تتحول الثورة إلى مغانم طائفية أو مذهبية ، أو إثارة للحساسيات الدينية ، بل يتعين على الثوارو المجددين و المصلحين الحفاظ على مؤسسات دولهم ، و عدم إهدارثرواتها ، أو التفريط لصالح المتربصين ، و تفادي الوقوع في شرك الخلافات و المنافسات ، و الاستقواء بالقوى الطامعة في أوطانهم أو استنزاف خيراتها .

    خامساً : بناء على هذه المبادئ الإسلامية و الدستورية ، المعبرة عن جوهرالوعي الحضاري ، فإن علماء الأزهر وقادة الفكرو الثقافة يعلنون مناصرتهم التامة لإرادة الشعوب العربية في التجديد و الإصلاح و مجتمع الحرية و العدالة الإجتماعية و التي انتصرت في تونس و مصرو ليبيا ، و لا تزال محتدمة في سوريا و اليمن ، و يدينون آلات القمع الوحشية التي تحاول إطفاء جذوتها ، و يهيبون بالمجتمع العربي و الإسلامي أن يتخذ مبادرات حاسمة و فعالة لتأمين نجاحها بأقل قدر من الخسائر، تأكيداً لحق الشعوب المطلق في اختيارالحكام ، و واجبها في تقويمهم منعاً للطغيان و الفساد و الاستغلال ، فشرعية أية سلطة مرهونة بإرادة الشعب ، و حق المعارضة الوطنية السلمية غيرالمسلحة مكفول في التشريع الإسلامي في وجوب رفع الضرر، فضلاً عن كونه من صميم حقوق الإنسان في المواثيق الدولية جميعاً .

    سادساً : يناشد علماء الأزهرو المثقفون المشاركون لهم النظم العربية و الإسلامية الحاكمة يناشدونهم الحرص على المبادرة إلى تحقيق الإصلاح السياسي و الاجتماعي و الدستوري طوعاً ، و البدء في خطوات التحول الديمقراطي ، فصحوة الشعوب المضطهدة قادمة لامحالة ، و ليس بوسع حاكم الآن أن يحجب عن شعبه شمس الحرية ، و من العارأن تظل المنطقة العربية و بعض الدول الإسلامية قابعة دون سائربلاد العالم في دائرة التخلف و القهرو الطغيان ، و أن ينسب ذلك طلماً و زرواً غلى الإسلام وثقافته البريئة من هذا البهتان ، كما يتعين على هذه الدول أن تشرع على الفورفي الأخذ بأسباب النهضة العلمية و التقدم التكنولوجي و الانتاج المعرفي ، و استثمارطاقاتها و ثرواتها الطبيعية خدمة لمواطنيها ، و تحقيقاً لسعادة البشرية كلها .

    هذا ، و لا يحسبن أحد من رعاة الاستبداد و الطغيان أنه بمنجاة من مصيرالظالمين ، أو أن بوسعه تضليل الشعوب ، فعصرالاتصالات المفتوحة و الانفجارالمعرفي ، و سيادة المبادئ الدينية و الحضارية النيرة ، و نماذج التضحية و النضال المشهودة عياناً في دنيا العرب ، كل ذلك جعل من صحوة الناس شعلة متوهجة ، و من الحرية راية مرفوعة ، و من أمل الشعوب المقهورة باعثاً يحدوها للنضال المستميت حتى النصر، و ليكف لجاهلون بالدين ، و المشوهون لتعاليم الإسلام ، و الداعون لتأييد الطغيان و الظلم و الاستبداد عن هذا العبث الذي لاطائل وراءه .

    " و الله غالب على أمره و لكن أكثرالناس لا يعلمون " سورة يوسف – آية رقم 21

    اللهم إنا نسألك رحمة تهدي بها قلوبنا ، و تجمع بها شملنا ، و ترد بها الفتن عنا يارب العالمين .

    مشيخة الأزهرفي :

    3 من ذي الحجة سنة 1432 هـ

    الموافق 30 من أكتوبرسنة 2011

    شيخ الأزهر- أحمد محمد الطيب

    الأزهر الشريف فتوى الأزهر بجواز عزل الأنظمة الظالمة مصر الحرية

    أخبار