الجمعة 19 أبريل 2024 08:51 صـ 10 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    بحوث ودراسات الفقه وأصوله

    الاعتكاف

    رابطة علماء أهل السنة

    الاعتكاف

     

    هو لزوم المسجد و الإقامة فيه بنية التقرب إلي الله تعالي .

     و يري الامام أحمد بن حنبل رضي الله عنه أن المعتكف في العشر الاواخر من رمضان لا يستحب له مخالطة الناس بل الافضل له الانفراد بنفسه و التخلي لمناجاة مولاه .. فالاعتكاف في حقيقته قطع موقوت لعلائق الناس للتشرف بخدمة الخالق عز و جل .

    و روى الامام البخاري في صحيحه عن ابي هريرة رضي الله عنه : " كان رسول الله صلي الله عليه و سلم يعتكف في كل رمضان عشرة ايام , فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً " .

     

    -  فضله  :

    و للاعتكاف فضل عظيم و ثواب جليل يشحذ همة  المتقين و ينادي المجاهدين : ضع بيتك

    و دنياك خلف ظهرك , و امض إلي سبيل ربك و الزم المحراب , فما فتح الله علي عبد إلا باتباع الاوامر و إخلاص الطاعات و لزوم المحاريب

    _  أخرج ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه و سلم قال في المعتكف " هو يعكف الذنوب و يجري له من الحسنات كعامل الحسنات كلها "

    _ و روي الإمام البيهقي عن علي بن الحسين عن ابيه رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلي الله عليه و سلم : " من اعتكف عشراً فى رمضان كان كحجتين و عمرتين " .

    _ و روى الطبراني و البراز أن رسول الله صلي الله عليه و سلم قال :" المسجد بيت كل تقي , و تكفل الله لمن كان المسجد بيته بالروح و الرحمة و الجواز علي الصراط إلي رضوان الله إلي الجنة ".

     

    - حكمه :

    و الاعتكاف قربة مستحبة سنها رسول الله صلي الله عليه و سلم  و واظب عليها . و يتأكد أستحباب الاعتكاف في العشر الاواخر من رمضان . قال الامام النووي :" و قد أجمع المسلمون علي استحبابه ( أي الاعتكاف ) و انه ليس بواجب , و علي أنه متأكد في العشر الاواخر من رمضان" .

     

    - أقله :

    و يصح اعتكاف يوم و كذلك ليلة واحدة . و قال النووي : ويصح اعتكاف ساعة واحدة و لحظة واحدة , و ضابطه عند اصحابنا ( الشافعية ):" مكث يزيد علي طمانينة الركوع أدني زيادة " .

    و علي هذا لو نوي المسلم الاعتكاف لوقت محدود في المسجد - كأنتظاره الصلاة – صح ذلك منه و يثاب عليه إن شاء الله كما قال الصحابي يعلي بن أمية : " إني لأمكث في المسجد ساعة ما امكث إلا لاعتكف " .

     

    - شروطه :

    _ وقال الحافظ إبن حجر العسقلاني : و اتفق العلماء علي مشروطية المسجد للاعتكاف , و أجاز الحنفية للمرأة ان تعتكف في مسجد بيتها و هو المكان المعد للصلاة فيه ,

     و اشترط بعض العلماء أن يكون الاعتكاف في المسجد الجامع حتي لا يحرم المعتكف من شهود الجمع و الجماعات .

    _ و يجوز الاعتكاف بغير صوم كمن نوي الاعتكاف ليلا لأن الليل ليس ظرفا للصوم , و اشترط بعض العلماء ان يكون المعتكف صائما . قال الامامان مالك و ابو حنيفة (رضى الله عنهما ) : يشترط في الاعتكاف الصوم , فلا يصح اعتكاف مفطر .

     

    و يجوز للمعتكف الخروج من المسجد الذي يعتكف فيه لقضاء حاجته أو حاجة غيره علي ان يرجع إلي المسجد فور أن يقضي الحاجة او ينتهي العذر , فإن خرج من المسجد دون حاجة متعمداً ذلك بطل اعتكافه .

    و ينبغي علي المعتكف ان ينشغل و يقبل علي ربه تعالي بكليته و جمعيته .

     و من أعظم ما ينشغل به المعتكف :.

    1- الصلاة : فعلي المعتكف أن يحرص علي الصلاة في الصف الاول و أن يدرك تكبيرة الاحرام مع الإمام و ان يحرص على ختام الصلاة و اداء النافلة لما في ذلك كله من خير

    2 - تلاوة القرآن الكريم و حفظه و تفهمه و الذكر و التسبيح و التحميد و التهليل و الاستغفار و التوبة إلي الله تعالى

    3 – و ليتمثل المعتكف و يستحضر صوره النبي الكريم صلي الله عليه و سلم و اجتهاده في العبادة . روت عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلي الله عليه و سلم كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل كله و أيقظ اهله و شد المئزر " . و عنها " أنه كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها " .

    ويسن للمعتكف أن يدخل المسجد قبل غروب الشمس ليلة الحادي و العشرين من رمضان , كما قال الأئمة الأربعة رضي الله عنهم . و قال غيرهم كالإمام الليث بن سعد و الأوزاعي و الثوري : إن أول الوقت الذي يدخل فيه المعتكف هو بعد صلاة الصبح .

    و يسن للمعتكف أن يخرج من المسجد بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان , وهذا قول الإمام الشافعي و أبي حنيفة . أما الإمام مالك فيري أن يخرج المعتكف من المسجد إلي صلاة العيد علي جهة الاستحباب .

    وقال الإمام ابن رشد : أجمعوا علي المعتكف إذا جامع عامدا بطل إعتكافه و يستوي في ذلك أن تكون المباشرة في المسجد أو عند خروج المعتكف لعذر أو حاجة , قال تعالي :

     سورة البقرة الآية 187(ولا تباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد

     

     

    ليلة القدر

     

    قال العلماء وسميت ليلة القدر لما يكتب منها للملائكة من الأقدار والأرزاق التى تكون فى هذه السنة كقوله تعالى {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } وقولة تعالى{ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ}

    ومعناه يظهر للملائكة ما سيكون فيها ويأمرهم بفعل ماهو من وظيفتهم وكل ذلك مما سبق علم الله تعالى به وتقديره له
    وقيل سميت ليله القدر لعظم قدرها وشرفها وقيل أيضاً لأن العمل الصالح فيها يكون ذا قدر عند الله لكونه مقبولا


    فضلها


    هى أفضل ليلة فى ليالى السنة قال الله تعالى ' لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ '
    أى أن العمل الصالح فى هذه الليلة خير من العمل فى ألف شهر ليش فيها ليلة القدر وهذا بعض عطاء الله تعالى لعباده المؤمنين
    وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال دخل رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ' إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليله خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم' رواه بن ماجه
    وعن ابى هريرة فى الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ' من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباًغفرلهماتقدم من ذنبه'
    وهذا من فضل الله تعالى يعطيه من يشاء من عباده ولايسع الؤمن إلا التسليم والإقرار والسعي والاجتهاد حتى يكتب من السعداء فى هذه الليلة جعلنا الله تعالى وإياكم من السعداء فى هذه الليلة المباركة
    وقد اتفق العلماء على وجود ليلة القدر ودوامها إلى آخر الدهر للأحاديث الصحيحة المنشورة

    حكمة إخفائها


    وقد أخفى الله ليلة القدر عن الناس ولذلك حكمة بالغة ليحصل الاجتهاد فى التماسها بخلاف مالو عينت لها ليلة لاتقتصر عليها لكن لما أخفى تعيينها عن الخلق نشط المتقون فى طلبها وشمروا لها فهم يطلوبنها من اول ليلة فى الشهر الكريم فإذا دخل العشر الأواخر اقتدوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأحييوا الليل كله وأيقظوا الأهل وشدوا المئزر وعكفوا على طلبها مكابدين الليل والنهار فحصل لهم من ذلك الخير العميم والثواب العظيم وهم لايبالون بما اختلف فيه الفقهاء فى أى ليلة تكون ليلة القدر فهم فى كل ليلة مستعدون وبين يدى ربهم الجليل واقفون طالين الفضل منه والاحسان فكيف يردهم الملك الجليل؟
    وقد ذكر الإمام ابن حجر فى الفتح أن للفقهاء فى تحديد ليلة القدر أقوالاً كثيرة أحصاها فبلغت ثمانية وأربعين قولاً وبعضها يمكن رده الى بعض وإن كان ظاهرها التغير ثم قال:
    وأرجح هذه الأقوال أنها فى وتر العشر الأخيرة وأنها تنتقل كما يفهم من الأحاديث التى أوردها الإمام البخارى فى ذلك الباب وأرجاها أوتار العشر وأرجى أوتار العشر عند الشافعية ليلة أحدى وعشرين أو ثالث وعشرين وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين

    بما يحصل قيامها

    أقل القيام ما قال به الإمام الشافعى رحمه الله : 
    من شهد العشاء والفجر ليلة القدر فقد أخذ بحظة منها واستحب أن يكون اجتهاده فى يومها كاجتهاده فى ليلتها
    وهى تعمر بالقيام بين يدى الله العظيم وبتلاوة القرآن الكريم والذكر الحكيم والصلاة والسلام على النبي الأمين وكثرة الاستغفار والتوبة


    نسأل الله تعالى أن يكرمنا جميعاً بهذا الفضل العظيم

    الاعتكاف رمضان صيام ليلة القدر

    بحوث ودراسات