الخميس 2 مايو 2024 04:04 صـ 23 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    مقالات

    تصحيح مفاهيم شرعية خطيرة ، سُفكت لأجلها دماء

    رابطة علماء أهل السنة

    هل  ( الكفر ) وحده علة كافية للقتال ؟ أو هل الأصل في علاقة المسلمين بالأخرين ( السلم أم الحرب ) ؟  

       تبنى دعاة (الحرب على العالم كله ) القول بأن علة قتال الكفار هو مجرد الكفر ولاشيء غيره !! وهذه في الحقيقة مسألة فقهية قديمة أثارها العلماء حول علة قتالنا لغير المسلمين : أهي لكفرهم بالإسلام أم هي لعدوانهم علينا وفتنة المؤمنين في دينهم ؟ 

      1- علماء الأحناف قالو : إن سبب الجهاد هو كون الكفار يحاربوننا ، ونحن ندافع عن أنفسنا . لقوله تعالى :( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير ) ولقوله أيضا: ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا )  ولقوله عليه الصلاة والسلام في المرأة المقتولة: ( ما كانت هذه لتقاتل )  وغيرها من أدلة .. وهذا رأي الجمهور ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته " قاعدة في قتال الكفار"

      2 -ذهب الشافعية إلى أن سبب الجهاد هو ( الكفر ) وحده ، وواجب علينا إزالة الكفر - ما استطعنا - بالجهاد . لقوله تعالى: ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم )  ولقوله أيضا: ( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة )  وغيرهما من أدلة .. مع ضابط مهم نقله البيهقي عن الشافعي حين فرق بين ( القتل والقتال ) حيث قال : ( ليس القتال من القتل بسبيل , قد يحل قتال الرجل ولا يحل قتله ) . 

      لكن علماء الأحناف ناقشوا دلالة هذه النصوص التي جاءت آمرة بالقتال ، وقالوا : كيف تثبت فرضية الجهاد بهذه العموميات ، مع انها ثبت أنها مخصوصة ؟ فقد قصرت على بعض ما يتناوله اللفظ ، بدليل أنه لا يدخل فيها النساء ولا العميان ولا المقعدون ولا الرهبان في الصوامع وغيرهم مما لا يجوز قتالهم كما ورد في الأحاديث .

    والعام إذا خصص يصير ظني الدلالة عند الأحناف ، فلا يثبت به الفرض لأنه لا يثبت عندهم  إلا بدليل قطعي .

      أما مناقشة الأدلة تفصيليا ، فيناقشها الشيخ القرضاوي واحدة واحدة :  فمثلا آية التوبة: ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) نجد أن اللام في كلمة (المشركين ) هي للعهد لا للجنس ، بمعنى هي خاصة بالمشركين المذكورين في نفس السورة، وهؤلاء يجزون على سوء ما صنعوا ، فقد كان بين النبي عليه الصلاة والسلام وبينهم ميثاق فنقضوه ، وظاهروا عليه أعداءه ، لذا برئ الله ورسوله منهم وآذنهم بالحرب إن لم يتوبوا عن كفرهم ..

    وقد سمى البعض هذه الآية ( بآية السيف ) وقال إنها نسخت / 140 / آية من القرآن ومنها آية:(لا إكراه في الدين)

     وعند التحقيق العلمي يتبين أن هذا لا يصح ، والآية الأخرى محكمة غير منسوخة ، وبالإمكان الجمع بين النصوص ، وكل يعمل في محله .

    أما قوله تعالى: ( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة)

       فكلمة (  كافة ) تعتبر / حالا / من الفاعل ، أي / واو الجماعة /  . فالمعنى : تجمعوا على قتال المشركين أيها المسلمون ، كما تجمع المشركون على قتالكم ، ولا يجوز أن تفرقوا وهم مجتمعون ، ولا أن تختلفوا وهم متحدون . وهكذا بقية الأدلة .

    وتفسير هاتين الآيتين مأخوذ من شيخ المفسرين الإمام الطبري .

      فما قاله فقهاء الحنفية من أن علة قتالنا للكفار هي ( الحِراب ) أي محاربتهم وقتالهم لنا ، وليست مجرد كفرهم - كما هو المشهور عن الشافعي رضي الله عنه ، وإن كان في مذهبه قول يوافق الجمهور - هو المعتمد ، والنصوص كلها من القرآن والسنة الصحيحة ، ومن وقائع السيرة النبوية ، تؤيد هذا الرأي .

    وقد قام الإمام ابن قدامة في ( المغني ) بترجيح قول الجمهور ، فالأولى بعلماء الشافعية في عصرنا أن يرجحوا في مذهبهم ما يوافق جمهور الأمة المؤيد بالأدلة الشرعية ، وخصوصا في القضايا الكبرى التي لها تأثيراتها العالمية في الفكر والسلوك والعلاقات الدولية .

      انتهى النقل ( بتصرف كبير ) من كتاب" فقه الجهاد " للعلامة القرضاوي  وهو في مجلدين ضخمين يقارب / 1500 / صفحة  تكلم عن الكثير من القضايا المهمة ،كأحكام الجهاد فقهيا وأخلاقيا .. ، وقضية الاستعانة بغير المسلمبن ، وقضية الدخول في ميثاق الأمم المتحدة .. ، وقضية التكفير ، وقضية الحكم بغير ما انزل الله .. وقضية دار الكفر ودار الإسلام .. وناقش نصوصا معينة كحديث: ( بعثت بالسيف بين يدي الساعة .. )  و حديث: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله .. ) وغيرهما الكثير ..   كما أطال النفس في دراسة مسائل أصولية أثارت جدلا كبيرا كمسألة ( النسخ في القرآن  ) .

    المشركين الجهاد القتال القتل كافة الوحدة

    مقالات