الجمعة 19 أبريل 2024 02:28 مـ 10 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    تقارير

    هل فهم السيسي ما تنطوي عليه كلمة «الطيب» في احتفال المولد من رسائل؟

    رابطة علماء أهل السنة

    تعمد الدكتاتور عبدالفتاح السيسي في احتفال المولد النبوي الشريف الذي أقيم الأربعاء 05 أكتوبر 2022م بمركز المنارة الدولى بالتجمع الخامس إهانة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب؛ وذلك عندما تعامل مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بشيء من الاستخفاف؛ فقد كان الطيب وعدد من الشيوخ الرسميين واقفين في مدخل الفندق الذي استضاف الاحتفال، فدخل السيسي دون أن يسلم على الطيب ودون أن يصافح شيخ الأزهر والشيوخ الواقفين إلى جواره مكتفيا بإماءة بيده. ولذلك تصدر وسم "شيخ الأزهر" قائمة الأكثر انتشاراً على موقع التواصل الاجتماعي تويتر ، واعتبر مغردون تصرف السيسي إساءة إلى شيخ الأزهر، الذي يعد أكبر مرجعية إسلامية في العالم. وتم تداول مقطع الفيديو المهين للطيب على نطاق واسع. وتساءل بعضهم: هل لو كان البابا تواضروس بابا الكنيسة واقفا مكان شيخ الأزهر أكان السيسي يكتفي بالإماءة أم كان يهرول مبديا أعلى مظاهر اللطف والتأدب؟! واستنكر الكاتب الصحفي جمال سلطان هذا الموقف وكتب «الطريقة التي تعامل بها السيسي مع شيخ الأزهر عندما استقبله قبل احتفالات المولد مشينة، ولا تليق ولا تجوز أبداً، شيخ الأزهر يُستقبل في العالم استقبال الملوك والرؤساء والقادة، ولا يصح أن تهين مصر مقام الشيخ وهيبته بهذه الطريقة المتدنية جداً في الكبر والغطرسة».

    على العموم يبدو أن الطيب رد الصفعة بمثلها إن كان السيسي فهم ما تنطوي عليه كلمة الطيب من رسائل خلال الاحتفال. فكلمة الطيب لم تخل من رسائل ضمنية، تؤكد موقفه الراسخ من قضية الخطاب الديني ورفضه الهجوم على السنة النبوية من جانب السيسي نفسه وبعض المنتمين للأزهر والموالين للسلطة. ولذلك شدد الطيب في كلمته على ضرورة التمسك بالسنة النبوية الشريفة والعمل بها إذا أرادت الأمة استعادة مجدها. حيث «دعا إلى تذاكر سنته الشريفة وتعاهدها، والحرص على تطبيق ما تنطوي عليه من قيم إنسانية واجتماعية عليا، وبخاصة قيمة العدل والتراحم والمساواة بين الناس، وقيم أخرى لا يتسع لها المقام»

    الرسالة الثانية، هي الدعوة إلى الرحمة بالضعفاء مؤكدا أن مبدأ التراحم كان أول المبادئ التي تم العصف بها في عالمنا المعاصر؛ يقول الطيب: «مبدأ التراحم أول ضحية خسرها إنسان اليوم، بعدما ضرب به عرض الحائط، وهو يهرول نحو التعبد بأصنام الأنانية والأثرة وتأليه الإنسان وتقديم رغباته الخاصة وشهواته الجسدية، وتحرره من ضوابط الدين، وقيود الأخلاق الراقية، وأصبحت وفرة المال وقوة الاقتصاد، وتجارة السلاح هي المعيار الذي لا معيار غيره في تمييز الخير من الشر والحسن من القبح». مضيفا أن «مبدأَ التَّراحُم وأهميتَه القُصوى في استقرارِ حياة الأفراد والمجتمعات، جعلنا نبحثُ عنه اليومَ كما يبحثُ الأعْمَى عن قبعة سوداء في حجرة مظلمة، مشيرا إلى أن التراحم كان من أخصِّ خصائص شخصية صاحب هذه الذكرى العَطِرَة، صلوات الله وسلامه عليه، وإنَّ الحديثَ في هذا الجانب المُدْهِش في شخصيته؛ حديثٌ طويلٌ أُفْرِدَتْ لبيانِه مُؤلَّفاتٌ مستقلّة برأسِها، تَنطلقُ من الخِطابِ الإلهيِّ، الذي سمَّاهُ الله فيه باسمين من أسمائِه، هما: الرؤوف الرحيم، في قولِه تعالى: «لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ» [التوبة: 128].

    الرسالة الثالثة التحذير من تعذيب الضعفاء والمساكين والنهي عن التفريق بين الوالدة وولدها ظلما؛ حيث أوضح الطيب أن «رحمة النبي لم تقبض يدها عن مستحقيها من المسلمين ومن غير المسلمين، حتى ممن ناصبوه العداء وأظهروا له الكراهية والبغضاء، وآذوه في بدنه وفي أسرته وفي سيرته وعرضه، ولم يكتف بالعفو والصفح والمغفرة بل كان يزيد على ذلك ويقول: «اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون». مشيرا إلى أن «الضعفاء من أصحابه ومن غير أصحابه هم أحق الناس برحمته وحنانه واهتمامه، فكان يوصي أصحابه بخدمهم ويقول: «أطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم من لبوسكم، ولا تعذبوا خلق الله عز وجل، فإن كلفتموهم فأعينوهم». مؤكدا أنه صلى الله عليه وسلم لم يحرم المخلوقات الضعيفة من تدخله بشخصه الشريف لصد الخطر عنها، وفي ذلك يروي بعض أصحابه أنهم كانوا مع رسول الله في سفر فرأوا طائرا كالعصفور له فرخان صغيران، فأخذ أحد أصحابه هذين الفرخين، فجعل الطائر يضرب بجناحيه، فجاء النبي وقال: «من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها».

    الرسالة الرابعة، الرحمة بالفقراء والمساكين، يقول الطيب: الحديث عن رحمته -صلى الله عليه وسلم- بالأيتام فحدث ولا حرج، فمن يقرأ سورة الضحى، ويتأمل في قوله تعالى: "فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ"، يعجب لهذا الدين الذي يفتتح تعاليمه وتوجيهاته بأوامر تحمي اليتيم والفقير السائل، أو قل: تحمي الضعيف من انتهاك حرمته وجرح مشاعره، وتأمل مثل ذلك في سورة الماعون، واستعرض آياتها الأولى: «أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيم وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين»، ثم تساءل عن المكذب بالدين وعن أبرز صفاته وعلاماته، مبينًا بأن المكذب بالدين هو الذي يدفع اليتامى بعنف، ويقبض يده عن إطعام المساكين، كما أن الذي يكذب بالدين هو -أيضا- الذي لا يخف لمساعدة الجار والقريب حتى لو كانت المساعدة بأهون الأمور وأقلها شأنا. وأنه -صلوات الله وسلامه عليه- كان يحب الفقراء والمساكين ويخصهم بالكثير من رعايته ورحمته، وكان من دعائه: «اللهم أحييني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة»، كما كان صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه على البذل والتصدق ما وسعهم ذلك.

    وحول مضامين هذه الكلمة تقول مصادر مقربة من الطيب أنه تلقى مؤخرا الكثير من الطلبات من بسطاء وأفراد ينتمون للأزهر، بشأن أبناء لهم في السجون، وعائلات موجودة خلف القضبان في قضايا سياسية، مطالبين الشيخ بالوساطة لإطلاق سراحهم بعد أن ضاقت بهم السبل، وهو الأمر الذي يعلم الجميع صعوبة قيام الشيخ به في الفترة الراهنة، لأسباب يعلمها الجميع"، على حد تعبير المصدر، الذي أكد أنه "ربما قصد الطيب نقل الرسالة بشكل ضمني"

    وكان شيخ الأزهر قد تعرض أخيراً لهجوم من جانب إعلاميين محسوبين على جهات رسمية في الدولة، في أعقاب إعلانه عن اختيار الدكتورة نهلة الصعيدي مستشارة له لشؤون الوافدين، في خطوة هي الأولى من نوعها في المشيخة. وبدلاً من أن تقابل تلك الخطوة بإشادة لما تحمله من تقدير من المشيخة وشيخها للمرأة المصرية، تعرضت للهجوم عبر إعلاميين في قنوات مملوكة للشركة "المتحدة"، بسبب مزاعم حول انتماء الصعيدي لجماعة الإخوان المسلمين، وهو ما نفته الصعيدي.

    مصر شيخ الأزهر السيسي المولد النبوي احتفال

    تقارير