الثلاثاء 30 أبريل 2024 03:02 مـ 21 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    مقالات

    فتيان صنعوا التاريخ - 8 - محمد بن القاسم

    رابطة علماء أهل السنة

    أبطال لا نعرفهم، فتيان عظماء شاركوا في إثراء الحياة الإنسانية لا نعرف عنهم بالكاد إلا أسماءهم، نحاول معا كشف اللثام عنهم، لنرفع القدوة لشبابنا كي لا تخدعهم أكذوبة المراهقة وصغر السن.

    (8) محمّد بن القاسم

    17 سنة

    فاتح بلاد السند

    كَان والده "القاسم الثقفي" واليًا على البصرة، وهو -أبو القاسم- ابن عم الحجاج بن يوسف الثقفي.

    وُلد عام 72هـ بمدينة الطائف في أسرة معروفة، فقد كان جده محمد بن الحكم من كبار ثقيف، وفي عام 75هـ عُين الحجاج بن يوسف الثقفي واليًا عامًّا على العراق والولايات الشرقية التابعة للدولة الأموية في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان، فعيَّنَ الحجاج عمَّه القاسم واليًا على مدينة البصرة، فانتقل الطفل مُحمد بن القاسم إلى البصرة، فنشأ محمد بين الأمراء والقادة: فَـوالِده أمير، وابن عم أبيه الحجاج أمير وأكثر بني عقيل من ثقيف قوم الحجاج أمراء وقادة، وكان لذلك تأثيرا كبيرا في شخصية محمد.

    بنى الحجاج مدينة واسط التي صارت معسكرًا لجنده الذين يعتمد عليهم في الحروب، وفي هذه المدينة وغيرها من العراق نشأ وترعرع محمد بن القاسم وتدرب على الجندية، حتى أصبح من القادة وهو لم يتجاوز بعد 17 عامًا من العمر.

    استولى قراصنة السند من الديبل بعلم من ملكهم "داهر" في عام 90 هـ على 18 سفينة بكل ما فيها من الهدايا والبحّارة والنساء المسلمات، اللواتي عمل آباؤهن بالتجارة وماتوا في سرنديب وسيلان، فصرخت مسلمة من بني يربوع "وا حجاجاه، وا حجاجاه"، وطار الخبر للحجاج باستغاثتها.

    وحاول الحجاج بن يوسف الثقفي استرداد النساء والبحّارة بالطرق السلمية، ولكن "داهر" اعتذر بأنه لا سلطان له على القراصنة، فثارت ثائرة الحجاج، فأعد الحجاج جيشاً تلو الآخر، الأول بقيادة "عبد الله بن نهبان" فاستشهد، ثم أرسل الحجاج "بديل بن طهفة البجلي" فاستشهد أيضاً.

    فاستشاط الحجاج غضباً بعد أن رأى قوّاته تتساقط شهيداً تلو شهيد، فأقسم ليفتحن هذه البلاد، وينشر الإسلام في ربوعها، فقرّر القيام بحملة منظمة، ووافق الخليفة الوليد بن عبد الملك، وبعد أن تعهد له الحجاج أن يرد إلى خزينة الدولة ضعف ما ينفقه على فتح بلاد السند.

    وقد وقع اختيار الحجاج على محمد بن القاسم الثقفي ليقود جيش الفتح؛ لِما رآه فيه من حزم وبسالة وفدائية، فجهّزه بكل ما يحتاج إليه في ميدان القتال من عتاد، وتحرك محمد بن القاسم الثقفي بجيشه المكون من 20 ألف مقاتل من صفوة الجنود، فاجتاز الجيش حدود إيران عام 90هـ إلى الهند، وبرزت مواهب محمد بن القاسم الفذة في القيادة وإدارة المعارك، فحفر الخنادق، ورفع الرايات، والأعلام، ونصب المجانيق، ومن بينها منجنيق يقال له: العروس كان يقوم بتشغيله خمسمائة، تُقذف منه الصخور إلى داخل الحصون فيدكها دكًّا.

    بعد ذلك اتجه نحو بلاد السند، فبدأ بفتح مدينة بعد مدينة لمدة سنتين، ثم زحف إلى الديبل «كراتشي حاليا»، فخندق الجيش بخيوله، وأعلامه، واستعد لمقاتلة الجيش السندي المكون من 50 ألف مقاتل، بقيادة الملك"راجا داهر" حاكم الإقليم، في معركة مصيرية عام 92هـ، ، فانتصر المسلمون، وقُتل ملك السند في الميدان، وسقطت العاصمة السندية في أيدي المسلمين.

    فتح مدينة الكيرج "مومباي حالياً"

    تابع محمد بن القاسم تقدمه في بلاد السند، وخضعت له مدنها، ولم يبقَ أمامه إلا قوة الملك “دوهر” ملك الكيرج، فأرسل محمد بن القاسم الغنائم إلى الحجاج، وكانت ضعف ما أنفقه فقال الحجاج: (شفينا غيظنا، وأدركنا ثأرنا، وازددنا (60) ألف ألف درهم ورأس داهر.

    مات الحجاج بن يوسف الثقفي في عام (95هـ) أثناء معركة الكيرج، واستطاع فيها المسلمون بقيادة محمد بن القاسم الانتصار وقتل ملك الكيرج “دوهر”، ولكن استمر محمد بن القاسم الثقفي في فتوحاته لبقية أجزاء بلاد السند، ونجح في بسط سلطانه على إقليم السند، وفتح مدينة الديبل في باكستان، وامتدت فتوحاته إلى ملتان في جنوب إقليم البنجاب، وانتهت فتوحاته عام 96هـ عند الملتان، وهي أقصى ما وصل إليه محمد بن القاسم من ناحية الشمال، فرفرف عليها علم الإسلام، وبذلك قامت أول دولة إسلامية في بلاد السند والبنجاب "باكستان حاليًّا"

    محمد بن القاسم فاتح بلاد السند جهاد الديبل الحجاج الثقفي

    مقالات