الجمعة 3 مايو 2024 10:45 صـ 24 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    أخبار ليبيا

    التدخُل الأمريكي في ليبيا والخيارات المفتوحة

    رابطة علماء أهل السنة

    في الأول من أغسطس بدأت الولايات المتحدة حملة جوية لقصف أهداف تابعة لتنظيم الدولة بمدينة سرت الليبية, ويقول مراقبون أن تلك الحملة الجوية لم تكن مفاجِأة وإنما تم الإعداد والتحضير لها سياسياً منذ فترة.

    والغريب حقاً أن الضربات الجوية الأمريكية جاءت استجابة لطلب من حكومة الوفاق الوطني التي يتزعمها فايز السراج الذي طالما تشدّق بأن ليبيا لن تُقدِم على الاستعانة بالقوى الغربية من أجل حسم الصراع الداخلي في البلاد.

    والواقع أن السيناريو الذي وقع مؤخراً كان متوقعاً منذ فترة ليست بالقليلة, فحكومة الوفاق الوطني التي ظهرت إلى النور برعاية الأمم المتحدة ودعم الدول الغربية صارت توفِر الغطاء القانوني من أجل قيام القوى الغربية بشن هجمات ضد مواقع الجماعات المسلحة بطول الأراضي الليبية, والحقيقة أن الخطوة الأخيرة أثارت العديد من الأسئلة ومنها: هل ستستمر العمليات العسكرية الغربية على الأراضي الليبية طويلاً؟, ماذا سيكون رد فعل تنظيم الدولة على تلك العمليات؟, وماذا عن موقف فصائل المعارضة الليبيبة من هكذا تدخُل؟, والسؤال الأهم من جميع تلك الأسئلة: ما هو الدور المتوقع للجنرال خليفة حفتر وقواته خلال المرحلة المقبلة على الساحة الليبية في ظل التطورات الجديدة.

    والحقيقة أن الحملة الجوية الحالية ليست الأولى من نوعها, فقد قام سلاح الجو الأمريكي بقصف مدينة صبراتة في التاسع عشر من فبراير الماضي وبالتعاون مع كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا مما أسفر عن مقتل العشرات معظمهم يحملون الجنسية التونسية, وطوال الأشهر الماضية لم تتوقف واشنطن عن جمع المعلومات الاستخباراتية حول تنظيم الدولة بليبيا والتي تبيّن لاحقاً أنها كانت تمهيداً لحملة جوية يتم التحضير لها, والأهم هو المعلومات المتواترة حول قيام واشنطن بإنشاء قاعدتين على الأراضي الليبية للقوات الخاصة التابعة للجيش الأمريكي.

    وقد وردت تقارير تشير إلى قيام دولاً أخرى بنشر عناصر للقوات الخاصة على الأراضي الليبية, وقد ذكر مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر ذلك صراحة حين أشار إلى قيام فرنسا بعمليات عسكرية على الأراضي الليبية بالتنسيق مع الولايات المتحدة, ولم يقتصر الأمر على باريس وواشنطن بل أن التقارير الواردة من الأراضي الليبية أكّدت على اشتراك عناصر من القوات الخاصة البريطانية في القتال إلى جانب لواء "مصراتة" ضد تنظيم الدولة, بل إن هناك تقارير تشير إلى اشتراك قوات أردنية في تلك العمليات.

    ومنذ أسبوعين فقط حدث تطوُر جدير بالاهتمام, فقد أعلنت باريس عن مقتل ثلاثة من عناصر القوات الخاصة الفرنسية تحطّمت بهم مروحية فوق الأراضي الليبية وأوعزت باريس سبب سقوط المروحية إلى "عوامل فنية", لكن المتحدث بإسم الجنرال خليفة حفتر كان له تفسير مختلف حيث قال أن المروحية الفرنسية سقطت خلال جمع معلومات استخباراتية حول تسلل عناصر من جماعة "بوكو حرام" إلى الأراضي الليبية.

    وما زاد الأمر احتقاناً هو تصريحات مفتي ليبيا التي وصف فيها التدخُل العسكري الفرنسي بإعلان حرب على ليبيا, كما أن رد فعل الجماعات المسلحة لم يختلف كثيراً حيث أدانت جماعتا "أنصار الشريعة" و"تنظيم الدولة في المغرب" العمليات الفرنسية وهددتا بالرد على تلك العمليات, ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد وإنما شهدت مدينة طرابلس مظاهرات حاشدة تندد بالوجود العسكري العسكري الفرنسي على الأراضي الليبية.

    وعلى الرغم من أن الضربات الجوية الأمريكية الأخيرة التي استهدفت مواقع تنظيم الدولة جاءت بموافقة حكومة الوفاق الوطني إلا أن قطاعاً عريضاً من الشعب الليبي يعتبر تلك الضربات عدواناً على البلاد والدليل هو المظاهرات التي اندلعت تنديداً بالهجمات الأمريكية والفرنسية على حد سواء, أما حكومة الوفاق الوطني فقد باتت في موقف لا تُحسد عليه لأنها تريد استرضاء عدة طوائف من الشعب الليبي من أجل ترسيخ شرعيتها بما في ذلك القبائل المتواجدة بالغرب الليبي, والأهم من ذلك هو أن تلك الحكومة بات عليها توفيق أوضاعها مع غريمها التقليدي الجنرال خليفة حفتر.

    ولا يمكننا بأي حال إنكار حقيقة أن حفتر نجح في انتزاع مساندة دولية من القوى الغربية وروسيا والصين عبر تشكيله قوة عسكرية مستعيناً بدعم من أطراف عربية وإقليمية.

    وقد تراوح عدد مقاتلي تنظيم الدولة بليبيا بين ألفين وعشرة آلاف مقاتل طبقاً لتقارير استخباراتية غربية, ويقول مراقبون أن عدم نجاح تلك الاستخبارات في تحديد القوة البشرية الفعلية لتنظيم الدولة على الأراضي الليبية ينُم عن تخبُط وفشل ذريع, والأهم هو أن الحكومة الليبية باتت لا تتمتع بالمصداقية فيما يخص البيانات التي تصدر عنها وتتحدث غالباً عن هزائم لتنظيم الدولة على الأراضي الليبية.

    ويقول مراقبون أن الضربات الجوية الأمريكية لن تفعل الكثير في مواجهة عناصر تنظيم الدولة بمدينة سرت, وعلى الرغم من أن التنظيم تكبّد خسائر ضخمة خلال الفترة الماضية إلا أنه قادر على تغيير التكتيك العسكري واللجوء إلى الهجمات الانتحارية والسيارات المفخخة تماماً كما حدث بكل من سوريا والعراق.

    والأهم أن الضربات الجوية الأمريكية الأخيرة جاءت في صالح تنظيم الدولة الذي سيكسب تعاطُف الرأي العام باعتباره حائط الصد ضد هجمات "الكفار" على أراضي المسلمين, وقد بات على واشنطن أن تتوخي العواقب الوخيمة التي ستنجم عن تدخلها في ليبيا خاصة عقب صدور تقارير عديدة تنتقد سياسة واشنطن تجاه الأزمة الليبية وسائر أزمات منطقة الشرق الأوسط.

    ليبيا أمريكا بنغازي حفتر الوفاق الثوار مفتي ليبيا

    أخبار