الجمعة 26 أبريل 2024 01:05 صـ 16 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    أخبار مصر

    وقفات مع بيان هيئة كبار العلماء والطلاق الشفهي - الشيخ عصام تليمة

    رابطة علماء أهل السنة

    أصدرت هيئة كبار العلماء بالأزهر بيانا حول الطلاق الشفهي، وإثباته، والإشهاد عليه، بعد خطاب عبد الفتاح السيسي الذي طلب من شيخ الأزهر البحث في الأمر، ومعظم من تعامل مع البيان هلل وكبر على أن البيان خالف وعارض عبد الفتاح السيسي، وهو كلام ينطوي على مغالطة كبرى، سببها عدم دراية من قالوا بهذا الكلام بطبيعة المؤسسة الدينية في ظل حكم العسكر، ولا التدقيق في البيان جيدا وقراءة عباراته، ومعرفة ماذا يعني البيان، كما اشتمل البيان على عبارات جانبت الحقائق الفقهية.

    أولا: البيان ليس ضد السيسي جملة وتفصيلا، ولا معارضة له، بل البيان لمن قرأه هو سهم مصوب نحو الدكتور سعد الدين الهلالي، ويتضح ذلك في عبارات من البيان مهمة، منها ما جاء في البيان: كما تناشد الهيئة جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الحذر من الفتاوى الشاذة التي ينادي بها البعض، حتى لو كان بعضهم من المنتسبين للأزهر. وهي عبارة تكررت على لسان شيخ الأزهر موبخا بها سعد الهلالي في مواضع سابقة، أثناء حكم الدكتور محمد مرسي، وبعده.

    ثانيا: هل يعقل أن هيئة كبار العلماء والتي من أعضائها: أحمد الطيب عضو لجنة أمانة السياسات سابقا، وأحد مشرعني الانقلاب، وأحمد عمر هاشم رجل كل الأنظمة العسكرية، وعلي جمعة المعروف بتزلفه للعسكر، وغيرهم، هل يعقل أن بيانا يخرج بالإجماع فيه هؤلاء الأعضاء يكون ضد السيسي أو معارضا له؟!! كما أن اللجنة التي أصدرت البيان وناقشت الموضوع رئيسها هو علي جمعة، فهل سيجرؤ علي جمعة على فعل هذه الفعلة؟! البيان يعكس تراكما من الحرب الدفينة بين المشايخ، ومن سرب الأمر للسيسي ربما في نقاش معين، هو سعد الهلالي، وهو ما يعرضه دوما السيسي في خطاباته، من ادعاء السعي وراء تجديد الخطاب الديني، فأراد البيان والهيئة ممثلا في صقور الهيئة التابعين للعسكر، قطع الطريق على سعد الهلالي، وتوبيخه هذه المرة رسميا في بيان واضح.

    ثالثا: سوف تزول حيرتنا عندما نعلم أن هيئة كبار العلماء، من قام بتشكيلها هو أحمد الطيب بتكليف من المجلس العسكري، ومن يعود بذاكرته سيجد أن آخر قرار صدر عن المجلس العسكري، قبل تسلم الدكتور مرسي الحكم بساعات قليلة، كان قرار تشكيل هيئة كبار العلماء، لتكون على عين المجلس العسكري، ولا مانع من وضع بعض شخصيات غير مؤثرة عند التصويت لقلة عددها، لها مصداقية لدى المسلمين، مثل: الدكتور يوسف القرضاوي الذي استقال فيما بعد، والدكتور محمد عمارة، والدكتور حسن الشافعي، وهؤلاء هم الثلاثة الذين خرجوا ليعلنوا بموقفهم من الانقلاب صراحة، فأين كانت الهيئة من دماء سالت، وأين كانت الهيئة من اغتصاب طالبة الأزهر في مدرعة داخل الجامعة التي تقع تحت مسؤولية شيخ الأزهر، ومعظم أعضاء الهيئة دكاترة في الجامعة التي اغتصبت الطالبة بداخلها؟!! فهل يعقل أن لجنة تشكلت بأمر من المجلس العسكري ستكون يوما ضد حكم العسكر؟!

    رابعا: البيان ادعى أن توثيق الطلاق بالشهود، رأي شاذ، وهو دلالة واضحة على أن البيان مكايدة مشايخ فقط، فهل يعقل أن هيئة كبار العلماء لا تعلم أن هذا الرأي قال به عدد من عمالقة الفقه في الأزهر على رأسهم: محمد أبو زهرة، وعبد الوهاب خلاف، ومحمد سلام مدكور، ومحمد يوسف موسى، وغيرهم. بل تبنته رسالة دكتوراه في الأزهر في سبعينيات القرن الماضي، والأدهى من ذلك: أن الأزهر نفسه سنة 1967م قدم مذكرة بقانون الأحوال الشخصية، وفي الفقرة (109) منه، تنص على ضرورة الإشهاد على الطلاق. فهل يعقل أن تجهل اللجنة كل ذلك، فتتهم الرأي بالشذوذ؟! إلا أن يكون مكايدة كما ذكرنا.

    خامسا: زكى دافع أن البيان معارضة للسيسي، ما رصده البعض من كلام السيسي لأحمد الطيب، ومهاجمة بعض إعلاميي الانقلاب له، وهي مسألة تفسيرها كالتالي: أن العسكر يحب دائما في جنوده والعاملين معه، أن يبدعوا في تزلفهم، ويبدعوا في خدمته، ولا يظل من يخدمهم دوما يحتاج إلى أن يطلب منه بصراحة ما يريده العسكر، يحبون (من يفهمها وهي طايره) بالبلدي، وهذا لا يحسنه أحمد الطيب، وذلك ليس مدحا في الطيب بقدر ما هو توصيف لحاله وطبيعته، بينما يحسن علي جمعة وسعد الهلالي ومختار جمعة ذلك بجدارة، ويفكرون دوما فيما يخدم النظام، دون طلب منه، فمختار جمعة قدم خطب خمس سنوات للسيسي ليضمن بذلك خطبة الجمعة في المساجد لخمس سنوات منزوعة الدسم، ولا يوجد بها حرف ضد النظام، وعلي جمعة يتقرب للعسكر آناء الليل وأطرف النهار، بل ويقدم تلامذة جدد له، كان أولهم أسامة الأزهري ولم تنته القائمة بعد، أي أن هناك فئة من المشايخ في عملها مع العسكر ترفع شعار: أحلام سعادتك بتاعت بعد بكره، قمنا بتنفيذها أول أمس.

    هذه بعض وقفات مع البيان، وبقيت الوقفة العلمية مع أهم قضية في الموضوع، وهي الإشهاد على الطلاق، وحكمه وتاريخه، وليس كما خرج به البيان عن العلمية إلى المكايدة الشخصية لشخص ينافس بعض رموز الهيئة على التقرب من العسكر ونظامه.

     

    جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر عن رأي الرابطة

    الأزهر الطلاق السيسي هيئة كبار العلماء

    أخبار