السبت 14 ديسمبر 2024 09:01 صـ 12 جمادى آخر 1446هـ
رابطة علماء أهل السنة

    الرابطة بيانات الرابطة

    هيئة علماء ليبيا تردُّ على المذكرة  الصادرة عن الهيئة العامة للأوقاف

    رابطة علماء أهل السنة

    أصدرت هيئة علماء ليبيا بيانا تطالب فيه بإقالة رئيس هيئة الأوقاف التابع لحكومة الوفاق بسبب تطاوله على العلماء، وانتمائه إلى الجماعة المدخلية المعروفة بغلوها والمرتبطة بجهات خارجية تعادي من خالفها.

    وحذرت الهيئة في البيان من “خطر المنهج المنحرف لجماعة المداخلة” بهيئة أوقاف طرابلس.

    وأضافت أن تلك الجماعة تحاول ربط الليبيين والشباب خاصة بجبهات دينية خارجية معروفة بعدائها لمن ليس على منهجها “المنحرف”.

    وتابعت الهيئة في بيانها، أن تلك الفئة تعمل على زرع الغلو في عقول الأطفال، وتلويث فطرهم النقية وتنيس قلوبهم الطاهرة بتربيتهم على تبديع وتضليل كل من لم يكن على نهجهم.

    وتابعت هيئة علماء ليبيا أنها غير مستغربة من انتفاضة الناس ضدهم في عدد من المدن بعد أو وجدوا متنفسا من الحرية بالتخلص من سطوة هذه الفرقة التي تفرض ما يقوله شيوخها وتحصر الحق فيه، وفق تعبيرهأ.

    وذكرت أنها تستنكر مذكرة الأوقاف الأخيرة وما فيها من “إسفاف” وتطاول مخالف لأخلاق الإسلام وما درج عليه أهل البلاد من توقير الكبار في السن العلم.

    وحثت الهيئة على الاستمساك بقطعيات الشريعة، مؤكدة أن هذه القطعيات لا يمكن أن تخرمها مسائل الاجتهاد، فضلا عن “شذوذات هذه الجماعة”.

    وكان نص البيان كالتالي :

    بيان هيئة علماء ليبيا
    بشأن ما جاء في المذكرة الصادرة عن الهيئة العامة للأوقاف

    الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.
    والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين..
    أما بعد ...
    فلم نستغرب ما جاء في مذكرة هيئة الأوقاف بحكومة الوفاق الوطني، من إسفاف وتطاول على علماء ليبيا، وعلى رأسهم سماحة مفتي عام ليبيا الشيخ الصادق الغرياني - حفظه الله ووفقه -كما لم نفاجأ بما فيها من تغيير للحقائق، وقلب للموازين، وافتقار للحكمة، فلقد تعودنا ذلك من هذه الجماعة الدخيلة على بلادنا، والمرتبطة بدولٍ معادية وداعمة للمعسكر الانقلابي، والتي تسعى لإقامة مرجعية دينية من شيوخ مرتبطين أمنيًا بتلك الدول.
    ولقد تريثنا لعل أحد مسؤولي هيئة الأوقاف يعتذر أو يتبرأ من هذه المذكرة المسيئة - ليس لكاتبها فحسب - وإنما للمسؤولين في بلادنا، لما فيها من تشويهٍ لصورة مؤسساتنا الدينية أمام العالم ولكن شيئًا من ذلك لم يحدث.
    وإزاء هذا العبث فإن هيئة علماء ليبيا تؤكد على ما يلي:


    أولاً: تستنكر هيئة علماء ليبيا ما جاء في مذكرة الأوقاف من الإسفاف والتطاول - الذي صار من سماتها - والمخالف لأخلاق الإسلام، وما درج عليه أهل هذه البلاد من توقيرالكبار في السن والعلم.


    ثانياً: كما تستنكر الهيئة سعي هذه الفئة - المعروفة في ليبيا وغيرها ب(المَداخِلة) - إلى ربط الليبيين -ولا سيما الشباب- بجهات دينية خارجية معروفة بعدائها لمن ليس على منهجها المنحرف، ساعيةٍ لإثارة الفوضى في بلادنا كيدًا لثورتها، وإضعافاً لقوتها.


    ثالثاً: تؤكد هيئة علماء ليبيا على خطر المنهج المنحرف لهذه الجماعة الذي يعمل على إسقاط علماء البلاد في نظر الشباب، وتجرئتهم عليهم، وتأجيج العداوات الفقهية والمذهبية في ليبيا على مستوى الأفراد والمؤسسات، والتي لم تشهد هذا النوع من الصراعات من قبل.
    وإن مما يزيد الأمر سوءًا أنهم يعملون على زرع هذا الغلو في عقول الأطفال، فيلوثون به فِطرَهم النقية ويدنسون به قلوبهم الطاهرة بتربيتهم على تبديع وتضليل كل من لم يكن على نهجهم، ولهذا لا نستغرب انتفاض الناس ضدهم في عدد من المدن بعد أن وجدوا متنفسًا من الحرية بالتخلص من سطوة هذه الفِرقة التي تفرض ما يقوله شيوخها وتحصر الحق فيهم، وتحرّمُ الرجوع إلى مَن سواهم مهما علا كعبُهُ في العلم، وهذا هو الفضاء الافتراضي مليء بنقلهم لأقوال شيوخهم ومن على شاكلتهم، ثم انقسامهم تبعًا لذلك إلى فِرَقٍ يضلل بعضها بعضًا، وكلهم يزعم التزامه منهج السلف وينفيه عن الآخر، ولو التزموه ما اختلفوا هذا الاختلاف.


    رابعاً: تدعو الهيئة إلى الاستمساك بقطعيات الشرع ومحكماته مِن جَمْعِ الكلمة، ووحدة الصف حول الأمور الكبرى المجمع عليها، كقوله تعالى: { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ } [آل عمران : 103[، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا ؛ فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا، وَلَا تَفَرَّقُوا، وأن تناصحوا مَن ولّاه اللهُ أمْرَكم) [رواه مسلم] .
    وتؤكد الهيئة أن هذه القطعيات لا يمكن أن تخرمها مسائل الاجتهاد، فضلًا عن شذوذات هذه الجماعة، وهذا الإمام مالك عندما عرض عليه الخليفة المنصور أن يلزم بلدان المسلمين بكتابه الموطأ قال له: "لا تفعل فإن الناس قد سبقت لهم أقاويل وسمعوا أحاديث، وأَخَذَ كلُّ قوم بما سَبق إليهم وعملوا به، وإنّ ردهم عما اعتقدوه شديد، فَدَعِ الناس وماهم عليه وما اختار كل بلد لأنفسهم"( ترتيب المدارك للقاضي عياض بتصرف يسير ).
    وكم سببت هذه الشذوذات في تفريق كلمة المسلمين، وصَرْفِ شبابهم عن قضايا الأمة الكبرى، ولذلك لا تجد عندهم أي التفات لقضية كقضية الأقصى وصفقة القرن وغيرها من القضايا التي لا يَسَعُ مسلمًا إهمالُها.


    خامسًا: تحذّر هيئة علماء ليبيا من المسلك المتطرف لهذه الجماعة والذي يُصنِّفُ الناس إلى سلفي من الفرقة الناجية، وهو من وافق شيوخهم في كل شاذة وفاذة، وإلى خلفي هالك، وهو الذي لم يقل بما هم عليه دقيقاً كان أم جليلاً، حتى إننا لا نرى فيما ينشرون أو يكتبون شيئاً مما يعرف بفقه الخلاف وآدابه، والذي ما فتئ العلماء الربانيون يربون طلابهم عليه، ولهذا تكثر الانشطارات بينهم بلا موجب من دين أو عقل أو خلق، حتى صار حالهم شبيهًا بما قاله الإمام الغزالي رحمه الله قديمًا في طائفة من الغلاة المتطرفين أنهم "ضيقوا رحمة الله الواسعة وجعلوا الجنة مختصة بشرذمة يسيرة".(فتح الباري بشرح صحيح البخاري 13/349).


    سادسًا: تؤكد هيئة علماء ليبيا أن بعض أتباع هذه الطائفة ربما أُتُوا من الجهل، لأن مراجعهم يحرمون عليهم الاتصال بغيرهم أو الاستماع إليهم، حتى لا يقعوا في بدعهم كما يزعمون، فحرموهم مِن عِلْمٍ نافع وخير كثير؛ فإنّ مَن تضلَّع من علومالشريعة ونَقَلَ العلمَ عن أهله وطال أَخْذُه عنهم، عَلِمَ يقيناً أن هذا المنهج الشاذ لم يكن معروفاً عند السلف الماضين
    من الصحابة والتابعين، ومَن تَبِعَهم بإحسان، كالأئمة الأربعة وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين، ويَجزِمُ أنه كلما زاد علم المرء اتسع عذره لمن يخالفه.

    ولا تفيد تزكية النفس بدعوى الانتساب إلى السلف الكرام واتباعهم، إن لم يكن معها تَخَلُّقٌ بأخلاقهم ،وتأدُّبٌ بآدابهم، وحِرْصٌ على جمْعِ المسلمين ووحدة كلمتهم، فإن ذلك من أعظم مقاصد هذا الدين قال تعالى: { هُوَالَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [الأنفال : 63 - 64] يقول بعض العلماء: (كل مسألة اختلف الناس فيها فأورثت بينهم شقاقاً وفُرقة فليست من دين الله في شيئ؛ لقول الله تعالى: { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ } [آل عمران : 103]


    سابعًا: تؤيد هيئة علماء ليبيا المطلب الذي ما فتئ المشايخ في التجمع الوطني لعلماء ليبيا يطالبون به المسؤولين، والذي طالب به كذلك علماء مدينة الزاوية في بيانهم الصادر يوم السبت الماضي، وغيرُهم، ألا وهو إقالة رئيس هيئة الأوقاف واستبداله بشخص كفء مؤهل غير مرتبط بجهات خارجية، قادر على لملمة الشتات وتقريب المسافات.


    والله المسؤول أن يفرج الكرب عن بلادنا، وأن يجمع كلمتنا على الحق وأهله، وأن يهزم أعداءنا من البغاة والغلاة والمندسين. إنه سميع قريب.

    صدر عن مجلس أمناء هيئة علماء ليبيا
    بتـــــــــــــــاريخ 20 رمضان 1441هـ
    الموافق 12 مايو 2020م

    هيئة علماء ليبيا بيان مذكرة الهيئة العامة للأوقاف الغرياني

    الرابطة