الخميس 2 مايو 2024 03:33 مـ 23 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    مقالات

    ماذا بعد نصر السابع من أكتوبر ؟

    رابطة علماء أهل السنة

    بعد عشرين يوما من الحرب الدائرة في غزة، بين المجاهدين الفلسطينيين والغزاة المحتلين، تغيرت خريطة العالم السياسية، وتقهقرت قضايا كبرى في سلم الأولويات، لتخلو الساحة للقضية الفلسطينية، ولعل من أول ملامح نصر السابع من أكتوبر 2023 أن كتائب الشيخ عزالدين القسام ألجأت جيش الاحتلال للاستعانة بالدول الراعية لمشروعه، والتي هرولت لإنقاذ الربيبة من السقوط المدوي، ولولا ما حدث من إسناد مادي وبشري، وإعلامي وسياسي، لوصل طوفان الأقصى إلى منتهاه، ولغسل ما أصاب المسجد المقدس من أوضار وأدران.

    كان شركاء جيش الاحتلال في قمة الوضوح حين نزلوا سريعا لأرض المعركة، وحضر قادة الحملة الصليبية بأنفسهم، في الوقت الذي جرّموا فيه فكرة التعاطف مع المظلومين، وفي المقابل رأينا حماس وحدها في الميدان، ولا يجرؤ أحد على التحالف معها أو التعاطف، وأكبر ما بذله من تجب عليهم نصرتها، أنهم وقفوا ينتظرون إذن المحتل لإدخال المساعدات الإنسانية، وكان رد الاحتلال حاسما، بقطع الماء والدواء ثم شبكات الاتصال، ولو فعلت دولة أو جماعة شيئا من ذلك، إزاء محمية طبيعية أو أحجار أثرية، لوقف العالم كله في وجهها، كما حدث مع تمثال بوذا في أفغانستان !

    الحرب العالمية الثالثة:

    إن لم يكن ما يحدث في غزة هو الحرب العالمية الثالثة فماذا تكون؟

    لكنها المرة الأولى في تاريخ الحروب العالمية، التي يجتمع فيها الحلفاء على قتال مقاومة شعبية وكتائب غير نظامية، ومع كل الدمار الهائل فإن قدراتها العسكرية في كامل جاهزيتها، وقادرة على الرد والوصول إلى العمق وإصابة الأهداف، بل وسعت من نطاق استهدافها إلى منطقة بئر السبع بالقرب من منطقة ديمونة، المعروفة بترسانتها النووية!

    معركة طوفان الأقصى انتهت بانتصار السابع من أكتوبر، وما في حوزة حماس من الأسرى يؤكد ذلك، وهو كفيل بتبييض السجون من المعتقلين الفلسطينيين، بالقياس على حالة جلعاد شاليط التى عرفت بصفقة وفاء الأحرار.

    بعد عشرين يوما من القصف الجنوني والاستهداف الهمجي، لا يمكن تغيير نتيجة المعركة التي سجلت في السابع من أكتوبر، لأن حماس قاتلت وأسرت من المحتلين، أما القصف النازي فاستهدف الأطفال والمدنيين والمرضى في مستشفياتهم، فلا يقارن هذا بمن كانت معركته مع العسكريين والمغتصبين.

    أظهرت العشرون يوما الماضية الهوة العميقة بين الشعوب والحكومات، وحضرت خيبة الأمل “راكبة جمل”، بداية من مؤتمر القاهرة الذي اعتبر الخروج بدون بيان إدانة للمقاومة قمة النجاح، في الوقت الذي هاجمت فيه الوفود الأوروبية حركة حماس بمنتهى الضراوة، ولم تقابلها الوفود العربية حماسا بحماس، حتى كشف نتنياهو المستور، وتحدث عن جمع من أصدقائه العرب ينتظرون انتصاره على حماس لئلا تكون الدائرة عليهم، وإن لم يسمهم فإنا نعرفهم بسيماهم، وفي لحن أقوالهم وتصريحاتهم.

    دور الشعوب:

    ومع هذه الصورة القاتمة المعتمة يبقى دور الشعوب، فإنها تستطيع تخفيف الضغط على غزة، بإشغال العدو عنها وتوسيع دائرة الصراع معه، واستخدام سياسية الإنهاك والإرباك، والبداية تكون بالاعتصام المفتوح أمام سفارات الصهاينة، وسفارات الدول المشاركة معهم، مع إسناد مباشر من دول الجوار بكسر الحصار والالتحام بالمقاومة، وإجمالا علينا كمسلمين، أن نفعل مع غزة كل ما طالب به المجتمع الغربي لدعم الأوكرانيين.

    إن معارك التحرير وجولات الاستقلال تحتاج طول نفس، وطوفان من التضحيات بالمال والنفس، وهذا واجب على الأمة كلها، كل بحسب وسعه وطاقته، وإن كانت غزة قدمت حتى الآن سبعة آلاف شهيد، فإن الجزائر قدمت سبعة ملايين في معركة التحرير، قتلت فرنسا منهم 45 ألفا في يوم واحد، في منطقة اسطيف عام 1945، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله، وما ضعفوا وما استكانوا، فاصبروا وصابروا ورابطوا، واعلموا أن نصر السابع من أكتوبر يوم له ما بعده، وبه سيبدأ كاتب التاريخ.

    نصر السابع أكتوبر غزة الاحتلال أسرى مدنيين قصف

    مقالات