الأربعاء 24 أبريل 2024 09:33 صـ 15 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    تقارير

    ليبيا ... أنصار القذافي في قلب الصراع الرئاسي بين حفتر وباشاغا (تحليل)

    رابطة علماء أهل السنة

    إطلاق سراح الساعدي القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، بعد اعتقاله لسنوات، مؤشر على توجه البلاد نحو تغييرات عميقة، تتجاوز الصراع الحالي بين الشرق والغرب.

    فالساعدي القذافي (48 سنة)، المتهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، حكم عليه بـ"البراءة"، وأفرج عليه في 5 سبتمبر/أيلول الجاري، ولم يطلق سراحه بعفو رئاسي بعد حكم نهائي.

    إلا أن المجلس الرئاسي، أعلن أن "الإفراجات التي طالت سجناء سياسيين في ليبيا مؤخرا، تأتي في إطار المصالحة الوطنية"، التي انطلقت رسميا في 6 سبتمبر.

    ما يؤكد أن الإفراج عن الساعدي، تم في إطار سياسي، لكن أعطي له طابع "قضائي"، مما يسقط عنه جميع التهم الجنائية، ويعيد له حقوقه السياسية بما فيها الحق في الترشح، خاصة وأن المجلس الرئاسي وصفه ضمنيا بـ"السجين السياسي".

    ** "سيف الإسلام" في طريقه للترشح للرئاسة

    والإفراج عن الساعدي يرجح إمكانية أن تطال المصالحة الوطنية شقيقه "سيف الإسلام"، الذي سرب موقع "بوابة إفريقيا الإخبارية" المقرب منه خبر ترشحه لرئاسيات 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، في الذكرى الـ52 لانقلاب والده على الملك إدريس السنوسي في "الفاتح" سبتمبر 1969.

    و"سيف الإسلام" القذافي، محكومة عليه بالإعدام، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من محكمة في طرابلس، كما صدر أمر بالقبض عليه من المدعي العام العسكري في 5 أغسطس/آب الماضي، ناهيك أنه مطلوب لدى محكمة الجنايات الدولية بنفس التهم.

    لكن صدور عفو رئاسي عنه، أو تبرئة ساحته من التهم الموجهة إليه باعتباره "معارض سياسي" من شأنه أن يفتح له أبواب الترشح للرئاسيات المرتقبة قبل نهاية العام الجاري.

    وليس هذا مستبعدا رغم معارضة العديد من الأطراف له أولهم خليفة حفتر، وحليفه السياسي عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، الذي جاهر بموقفه الرافض لترشح "سيف الإسلام" للرئاسيات، بزعم أنه "لا يحق لأي شخص محكوم عليه من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية الترشح لرئاسة الدولة الليبية".

    رغم أن المحكمة الجنائية لم تصدر حكمها بعد في حق "سيف الإسلام"، مما يعني أن هذا الموقف سياسي أكثر منه قانوني.

    لكن هناك دول تضغط لصالح ترشح القذافي الابن للرئاسيات وعودة النظام السابق إلى الحكم، وعلى رأسها روسيا.

    ** التنافس على أصوات القذافيين

    شعار المرحلة المقبلة هو "المصالحة الوطنية"، لكن بين طيات هذا الشعار رغبة من المنطقة الغربية، وبالأخص أعيان مدينة مصراتة، في سحب ورقة أنصار النظام السابق من أيدي حفتر، حتى لا تُلعب في الرئاسيات المقبلة.

    والأسماء البارزة المرجح ترشحها للرئاسيات المقبلة تتمثل في: حفتر، وسيف الإسلام القذافي، وأيضا فتحي باشاغا، وزير الداخلية السابق في حكومة الوفاق الوطني.

    وفي حالة عدم تمكن القذافي الابن من الترشح للرئاسيات، فإن المنافسة ستقتصر على حفتر وباشاغا، الذي يتحدر من مدينة مصراتة، ثالث أكبر مدينة من حيث عدد السكان بعد طرابلس وبنغازي، ولكنها الأقوى عسكرية والأكثر نفوذا بالمنطقة الغربية.

    ولأن أنصار القذافي يشكلون كتلة انتخابية وازنة بإمكانها ترجيح كفة أي طرف على الآخر، فإن المنافسة على كسب تأييد هذه الفئة على أشدها بين معسكري حفتر وباشاغا.

    ففي مطلع سبتمبر الجاري، كشفت مليشيات حفتر عن حقيقة اغتيال العميد مسعود الضاوي، أحد أبرز القيادات العسكرية لقبيلة ورشفانة (الغرب) الموالية للقذافي الابن والمتحالفة مع حفتر، والذي قتل في 23 مايو/أيار 2019، خلال عدوانهم على طرابلس.

    وكان هذا مطلب قبيلة ورشفانة منذ عامين، رغم أن مليشيات حفتر ادعت في 2019 أن الضاوي قتل في جبهات القتال، قبل أن تسرد مؤخرا رواية مختلفة تماما تضمنت اعترافات أحد المشاركين في عملية الاغتيال يؤكد فيها أن أوامر الاغتيال جاءتهم من محسن الكاني، القائد الميداني في مليشيا الكانيات الداعمة لحفتر.

    وبغض النظر عن تفاصيل هذه القضية، التي نتناولها في تحليل خاص، فإن الهدف الرئيسي من كشف ملابساتها وأسماء القتلة الثمانية المشاركين في عملية الاغتيال، يتمثل في ضمان دعم قبيلة ورشفانة لحفتر في الرئاسيات المقبلة.

    لكن باشاغا، ردّ بالثقيل على هذه الخطوة، باستقبال وفد من قبيلة القذاذفة في مصراتة (200 كلم غرب طرابلس)، ووافق رفقة أعيان المدينة على تسليمهم رفات معمر القذافي ونجله المعتصم، وأبو بكر يونس المجبري.

    ومن المتوقع أن يتم دفن رفات الزعيم الليبي في مسقط رأسه بمدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس)، مما قد يحول قبره إلى مزار لأنصاره، وسيضع ذلك حفتر ومليشياته أمام خيار صعب.

    فمليشيات حفتر تسيطر على سرت، الواقعة على خط التماس مع قوات الجيش الليبي، ومنع دفن رفات معمر القذافي بها، سيوتر علاقاته مع أنصار النظام السابق وقد يخسر دعمهم له في الانتخابات.

    أما الموافقة على الدفن فستجعل أنصار القذافي يتدفقون من كل صوب نحو سرت، مما سيضعف سيطرة مليشيات حفتر على المدينة.

    فالسباق نحو رئاسة ليبيا، انطلق ولو بشكل غير رسمي، بين ثلاث تيارات رئيسية، لكن كل من حفتر وباشاغا يحاولان الفوز بأصوات أنصار النظام السابق، إذا ما صعدا للدور الثاني للانتخابات، التي مازال إجراؤها محل شك.

    أما إذا ترشح "سيف الإسلام" للرئاسيات، فسيخلط ذلك قواعد اللعبة ويغير طبيعة التحالفات، فمنطق السياسة يقول "لا عدو دائم، ولا صديق دائم، ولكن هناك مصالح دائمة".

    وعندما سئل رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، عن ترشح القذافي الابن للرئاسيات، رد بإجابة تحتمل أكثر من تأويل "هو (سيف الإسلام) مواطن ليبي من أبناء قبيلة مهمة في ليبيا، ولا مانع مني لترشح أي مواطن ليست لديه مشاكل قانونية".

    فالدبيبة من جهة لا يعارض ترشح "سيف الإسلام"، لكنه بالمقابل يشترط أن "لا يكون لديه مشاكل قانونية" وهو ما لا يتوفر فيه، إلا إذا أصدر المجلس الرئاسي عفوا عنه، في إطار المصالحة الوطنية، وبتشجيع من روسيا.

    ومع اقتراب موعد 24 ديسمبر، يحاول كل طرف لعب أوراقه، التي لن تخرج عن دائرة التحالفات الصعبة، لاختراق مناطق سيطرة الخصم، وأنصار النظام السابق أصبحوا في قلب هذا الصراع.

    ليبيا حفتر القذافي باشاغا الرئاسة سيف الإسلام مصراتة

    تقارير