الثلاثاء 30 أبريل 2024 04:27 مـ 21 شوال 1445هـ
رابطة علماء أهل السنة

    مقالات

    مع جريمة السويد أصبحنا والحكام سواء

    رابطة علماء أهل السنة

    ما كنت أحسبني أحيا إلى زمن أرى فيه الشعوب والحكام على درجة واحدة، إزاء الجريمة الجاهلية التي تصر عليها الحكومة السويدية، بسماحها بحرق نسخة من المصحف الشريف أو تدنيسها، ولا معنى لتكرار الفعل إلا أن من أمن العقوبة أساء الأدب، وأن وزن الأمة الإسلامية لا يمثل شيئا ذا بال عند النظام السويدي، الذي جعل الكراهية والعنصرية عنوانا له، غير هياب من سخط ملياري مسلم، متذرعا في ذلك بحرية الرأي والتعبير، وقد أسقط حجتهم وكشف خبيئتهم، الشاب السوري أحمد علوش الذي طلب السماح بحرق التوراة والإنجيل كما رخصوا بحرق القرآن، فرفضوا طلبه وسمحوا له بالتظاهر فقط، وكانت النتيجة أن كشف أكذوبة حرية الرأي المزعومة، وبين أن شرعنا الحنيف لا يجيز حرق الكتب الدينية، وأنه فعل ذلك لكشف النفاق السياسي، والتدليس الإعلامي.

    الشجب والاستنكار

    لم تتخذ الدول العربية والإسلامية أي إجراء بعيدا عن إطار الشجب والاستنكار، إلا المملكة المغربية التي استدعت سفيرها من استكهولم، وطلبت مغادرة القائم بالأعمال السويدي، ثم عادت السويد للسماح للمتطرف العراقي نفسه بالاعتداء على المصحف الشريف، وعَلم العراق أمام سفارة العراق، مما أشعل جذوة الغضب في نفوس العراقيين، فأدّى ردهم إلى حرق سفارة السويد في بغداد، وعلى إثر ذلك طردت حكومة العراق السفير السويدي، واستدعت سفيرها من استكهولهم، وأعلنت الدنمارك تعاطفها مع السويد، وسمحت لأحد المتطرفين بالاعتداء على القرآن الكريم، ولم نجد من الدول العربية والإسلامية أيّ تعاطف مع العراق، إذا كانوا غير مبالين بالكتاب الكريم!

    ولم تراوح أغلب الحكومات العربية بيانات الإدانة، إلا إلى تقديم مذكرات الاحتجاج، ولو كان الاعتداء على علم دولة بعينها، أو رمز من رموزها لانتفخت أوداجهم، واحمرت لذلك أنوفهم، ولكن ليس هذا بمستغرب على صعيد ردّ الدول والحكومات، لكن الرزية كل الرزية، أن الشعوب المسلمة وقفت مكتوفة الأيدي اتجاه أبشع جريمة تمس عقيدتها وكرامتها.

    وكنت أتوقع حشودا هادرة، وجموعا غفيرة أمام سفارات السويد، للتظاهر والاعتصام حتى طرد السفير السويدي من بلاد القرآن، ومهبط الوحي وأرض الرسالات، ولو فعلها الشعب لبرأت بذلك ذمته، ولحرك الدماء المتجمدة في عروق بعض القادة، مع أهمية الاستمرار في استخدام سلاح المقاطعة، هذا السلاح الحضاري الذي تستطيع الأمة من خلاله، أن تحول عيبها الاستهلاكي إلى ميزة، في مقاطعة منتجات من لا يحترم المقدسات.

    وعلى ذكر المقاطعة فإن العلماء ودور الإفتاء، لم يكونوا بمعزل عن هذا الموقف المتأخر عن الدفاع عن كتاب الله الذي تحويه صدورهم، وتلهج به ألسنتهم، إذ تأخرت بياناتهم بوجوب مقاطعة السويد على الأصعدة كافة، ولاسيما المقاطعة الاقتصادية، وهي سلاح ناجع وفعال، وقد أرغم أنوفا تطاولت قبل ذلك أو استخفت، وقد سبق الأزهر الشريف إلى الدعوة إلى المقاطعة في المرة الأولى، وعاد للتأكيد عليها بعد تكرار الجريمة، وكان موقف سماحة مفتي سلطنة عمان الشيخ أحمد الخليلي مبادرا كعادته، وكذلك فضيلة الشيخ الصادق الغرياني مفتي ليبيا، وكان الأولى بأهل العلم أن تخرج منهم فتوى موحدة من كل دور الإفتاء والمؤسسات العلمائية، بوجوب مقاطعة السويد الجاهلية، ولك أن تتخيل أثر هذا الخبر “كل علماء المسلمين يأمرون بمقاطعة من أجرم في حق مقدساتهم”، مع بيان الحكم الشرعي في مرتكب هذه الجريمة.

    نهج تركيا

    وبإمكان الدول الإسلامية أن تنتهج نهج تركيا في رفع دعاوى على المجرمين المتطرفين وإدانتهم قضائيا، وتقديم ذلك للشرطة الدولية “الإنتربول”، وكانت دولة قطر قد تقدمت الأيام الماضية بطلب إلى الأمم المتحدة لتجريم الإساءة إلى المقدسات والرموز الدينية، وصوَّت ضد القرار كل الدول الكبرى التي لا تسمح بانتقاد المنتكسين عن الفطرة، أو التعرض لعلم الشواذ جنسيا وسلوكيا، وفي الوقت نفسه يرون حرق المصحف من أبواب الحريات، بما يؤكد أن الهجمة على الإسلام، وإن تزعمتها السويد والدنمارك، إلا أنها وافقت هوى كبار الأفاعي، ومن يملكون حق النقض.

    أنظار الأمة الآن متجهة إلى تركيا التي اتخذت خطوات عملية للرد على الجريمة السويدية، ووصف وزير خارجيتها “حقان فيدان” العمل بأنه دنيء، وطالب نظراءه في الدول الإسلامية برد منظم وموحد، ضد الاعتداءات التي تستهدف القرآن الكريم.

    وبما أن قرار انضمام السويد إلى حلف الناتو مطروح أمام البرلمان التركي، فإن تركيا تستطيع أن ترد على تعدي السويد على كتاب الله أمام سفارتها، من خلال من يقدسون المصحف داخل البرلمان، وهم يمثلون الأغلبية الكبيرة من الأحزاب والكتل المختلفة، وأسأل الله أن يوفقهم لذلك، ولا يسجل علينا التاريخ أننا الجيل الذي أحرق أمامه الكتاب العزيز ولم يفعل ما يتناسب مع حجم الجريمة.

    حرق المصحف السويد الدنمارك العراق علم تركيا

    مقالات